خالد صاغية
هدّد رئيس جمعيّة المصارف فرانسوا باسيل بأنّ المصارف العاملة في لبنان قد لا يمكنها الاستمرار بإقراض الدولة والقطاع الخاص، في ظلّ الوضع السياسي القائم.
إنّه فعلاً تهديد ترتجف له الرُكب. الرجاء من السيّد باسيل وجمعيّته البدء بتنفيذ تهديده اليوم، الآن، وفي هذه الساعة. فمن يسمع السيّد باسيل يظنّ أنّ الشعب اللبناني هو المستفيد من عمليّة الإقراض هذه، وأنّ المصارف لم تكدّس الأرباح من دون بذل أيّ جهد، بل كانت تقوم بواجب وطني، وعمليات شرائها لسندات الخزينة ما كانت لتتمّ لولا الدافع الإنساني المحض.
يطالب السيّد باسيل بـ«اتّخاذ إصلاحات اقتصاديّة»، والمقصود هنا دعوة الحكومة الحالية أو المقبلة إلى عدم المسّ بمكتسبات المصارف، وعدم التفكير في أيّ حلّ يحرّر الدولة والمواطنين من عبء الفوائد المرتفعة التي تُدفع على سندات الخزينة. فمهما كان المخرج من هذه الأزمة السياسية، على الطقم الحاكم الجديد أن يكون هو الطقم الحاكم القديم نفسه، أو على الأقلّ أن يتعهّد بتنفيذ السياسات الاقتصادية نفسها التي لا تمسّ مصالح المصرفيّين.
يتذرّع باسيل بذوي الدخل المحدود و«مدّخرات الشعب اللبناني»، للدفاع عن سياسة الاستقرار النقدي التي كلّفت البلاد الجزء الأكبر من الدين العام. وكأنّ هذا الاستقرار لم يكن الطريقة التي استخدمتها المصارف من أجل تحقيق المزيد من الأرباح، وإدخال الاقتصاد اللبناني في دائرة مفرغة.
السؤال المطروح هو: إذا لم تقرض المصارف الدولة، فماذا تفعل؟ فهي، منذ زمن بعيد، ما عادت تقوم بدورها، وكفّت عن الدخول في مشاريع تمويل تحمل بعض المخاطر، وخصوصاً بعدما شاركت في إعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني بطريقة تستبعد القطاعات المنتجة.
بصراحة، نخشى على المصارف من الإقفال إذا ما كفّت عن نهب المواطنين، بالشراكة مع أصحاب القرار المالي في الدولة.