strong> صباح أيوب
لماذا انضممت أخيراً إلى الجيش؟ ما سبب طلبك العودة مجدداً إلى العراق؟ ما كانت دوافعك أصلاً للذهاب إلى الحرب؟ ماذا تفعل الآن في المعركة؟ وماذا ستفعل في حياتك المستقبلية؟ مجموعة أسئلة طرحها الصحافي دايفد سميث (صحيفة الـ«غارديان» البريطانية) على بعض الضباط والجنود الأميركيين الذين يشاركون في الحرب على العراق. ومنها تبيّنت بعض الأسباب الحقيقية التي حثّت البعض ـــــ ولا تزال ـــــ للانضمام إلى الفرق الأميركية المقاتلة في العراق، أسباب متى أبيح بها، تظهر فعلاً مدى «العبثية» التي تسيطر على أفكار وقرارات الجنود الأميركيين. شملت عيّنة «المستَجوَبين» من انضمّ منذ أيام فقط إلى فرقته العسكرية والبعض الآخر من الذين يقومون بخدمتهم الثانية أو الثالثة في العراق منذ عام 2003. فما كانت إذاً الدوافع الأصلية وخلفية القرار الذي اتخذه البعض بملء إرادته؟
«حارب جدّي في الحرب العالمية الثانية، ووالدي في فييتنام، وعمّي في حرب الخليج، ففكّرتُ أنّ هذا ما عليّ فعله، وكانت فرصتي في العراق»، هكذا انتقل إذاً «الكار» لأحد الضباط المشاركين في حرب العراق (كوينتن ليون) كأنّه إرث عائلي أراد الجندي «الوفي» المحافظة عليه. وفيما يقول ليون إنه «فخور في خدمة وطنه» يشير إلى أنه يفضّل العودة إلى دياره «في أقرب وقت ممكن». أما بعض الضباط، الأكبر سنّاً، فهم من الذين شارك معظمهم في حرب فييتنام. يقول بروس ألن إنه تقاعد منذ سنوات، لكنه عاد ليتطوّع في حرب العراق الأخيرة، لأنه أراد أن «يعيش تجربة جديدة مختلفة عن تلك التي عاشها في حرب فييتنام»، «لم يحظ الجيش الأميركي بتأييد شعبي كما هو الحال اليوم، فلم يستقبلنا الأميركيون باحتفالات وأهازيج لدى عودتنا من فييتنام، أما اليوم فالأمر مختلف وأريد أن أشهد هذه اللحظات عند عودتي إلى الديار». وإدراكاً منه أنّه سيجبر على التقاعد نهائياً خلال شهر، دفع ابنه للانضمام إلى الجيش والذهاب إلى العراق، «وهو اليوم يحارب في بغداد».
ويجمع معظم الموجودين لمرّة ثانية أو ثالثة في العراق أنهم يجددون خدمتهم «كي لا يُضطر أبناؤهم لخوض هذه التجربة في المستقبل»، مؤكّدين أنهم «أسهموا في خفض نسبة القتلى والضحايا المدنيين وبسط الحرية في البلد الذي عاش تاريخاً طويلاً من الديكتاتورية». «العزاء لنا، هو عندما يساعدنا المواطنون العراقيون في مهمتنا، فنحن بتنا نختلط مع الشعب أكثر وهم يفتحون لنا قلوبهم»، حتى بات أحد الجنود يلقّب مثلاً بـ«المختار» لأنه في كل مرّة يدخل فيها إلى منطقة عراقية يجمع حوله الأهالي ويستمع لشكاواهم ويساعدهم قدر المستطاع.
أما ظاهرة المنضمّين الجدد إلى الفرق المقاتلة في العراق، فربما لخص أسبابها الجندي جيفري روبنسون، بقوله: «أردت أن أبتعد عن المنزل. أريد أن أكتشف العالم وجمع بعض المال. فهم بلا شكّ يدفعون أكثر هنا». أما عن اقتناعه بما يقوم به، فيجيب روبنسون: «لقد حصلت على بذلة عسكرية كاملة. فلا بدّ لي إذاً أن أدعم الحرب على العراق. أريد أن أختبر كيف تكون الحروب فعلياً، سيُكتب اسمي في كتب التاريخ».