غسان سعود
■حكاية «إجراء» قانوني فريد من نوعه في تاريخ الجمعيّات

لم يذهب مارسيل غانم مساء أمس لزيارة «الحكيم».
من الآن فصاعداً، المواجهة الوحيدة الممكنة بين رئيس الهيئة التنفيذيّة لحزب «القوات اللبنانيّة» و«المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» ستكون أمام المحاكم. كيف وضع سمير جعجع بثقله السياسي في ميزان القانون؟


المشاهدون الذين انتظروا إطلالة «الحكيم» مساء أمس على LBC ضمن برنامج مارسيل غانم «كلام الناس»، أصيبوا بخيبة ربّما. فالحلقة ألغيت بعد تصعيد الصراع بين المحطّة ورئيس الهيئة التنفيذيّة لحزب «القوات اللبنانيّة»، على خلفيّة الدعوة الجزائيّة التي أقامتها «القوّات» ضدّ بيار الضاهر ومساهمي المحطّة، في إطار الخلاف على ملكية LBC. ولم تنجح وساطة النائب جورج عدوان في إقناع الشيخ بيار الضاهر بالعدول عن قرار إلغاء الحلقة. فجرت مساع بنقل الحوار مع «الحكيم» إلى برنامج «الاستحقاق» على «المستقبل»، وقد أدّى وليد عبّود (LBC) دوراً حثيثاً في هذه المبادرة «الإنقاذيّة» بالتنسيق مع مقدم البرنامج علي حمادة. لكن النائب سعد الحريري. لم يتحمّس لاستضافة جعجع على شاشته، كي لا تتحوّل هذه الخطوة إلى صراع مباشر بين «المستقبل» و«المؤسسة اللبنانيّة للإرسال».
هكذا إذاً، حدث ما أشارت إليه «الأخبار» قبل أشهر، وذهب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، بأهل «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إلى المحكمة التي سيدخلها للمرة الأولى بصفته مدعياً، لا مدّعىً عليه كما كان في الأمس القريب. والمفارقة أن جعجع الذي عانى كثيراً ــــ بحسب قوله ــــ المحاكمات غير العادلة، يقاضي أهل LBC، وسط ظروف يبدو من بدايتها، أن ثقله السياسي سيوظف فيها لترجيح كفّة القضاء لمصلحته.
إذ إن الحدث القانوني، وفق المتابعين، لا يتعلق بالدعوة التي قدمها المحامي نجيب إلياس بالنيابة عن جعجج ضد «المؤسسة اللبنانية للإرسال» ومساهميها (وأبرزهم الشيخ بيار الضاهر، رئيف البستاني، مارسيل الضاهر، رندة سعد، مروان جزار) بتهمة إساءة الأمانة وتهريب الأموال... إنما يتعلق بصفة المدعي كزعيم تيّار سياسي يؤدّي دوراً مهمّاً في صفوف الأكثريّة الحاليّة. وكي يمتلك الصفة الشرعيّة لإقامة الدعوى على المحطّة، نال الحكيم حظوة فريدة من نوعها من وزارة الداخلية والبلديات التي قامت بـ«ضم ملفي جمعية القوات اللبنانية»، قبل بضعة أسابيع (18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي).
رغم إصرار فريق جعجع القانوني والسياسي على التمييز في أكثر من مناسبة بين «القوات اللبنانية» (التي حازت العلم والخبر سنة 1991) و«حزب القوات اللبنانية» (الذي حاز العلم والخبر سنة 2005)، عمد الوزير حسن السبع إلى «فبركة» قرار بضم الجمعيتين من دون معرفة أعضاء الهيئة التأسيسية في الحزب الأول. وقد وجدوا أنفسهم، بحكم قرار السبع، خارج الحزب الذي يفترض أنهم، وفق الأوراق القانونية، مؤسسوه! والمخالفة السبعيّة الأخيرة تعدّ الأولى من نوعها في تاريخ الجمعيات السياسية اللبنانية.
بدأت الحكاية عندما تيقن جعجع من أن جمعية القوات اللبنانية التي حازت العلم والخبر بتاريخ 1/11/2005 لا تتمتع بالصفة القانونية لتملك المؤسسات الإعلامية والسكنيّة والإعلانية التي وضعت الدولة وبعض الأفراد يدهم عليها، إثر سحب العلم والخبر المعطى إلى جمعية حزب القوات اللبنانيّة. وعندئذ عمد فريق جعجع القانوني، تحت إشراف مباشر من نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية جورج عدوان، إلى إقرار مرسوم في جلسة الحكومة يوم 21 أيار (مايو) الماضي «يلغي المرسوم الرقم 4908 تاريخ 23/3/1994 المتعلق بسحب العلم والخبر المعطى للجمعية المسماة «حزب القوات اللبنانية» في بيروت»، وذلك من دون علم ممثل هذه الجمعية تجاه الدولة فؤاد مالك وسائر الأعضاء الأربعة التأسيسيين (ريشار جريصاتي، إبراهيم اليازجي، جوزف رزق، وأمجد اسكندر).
ويرى قانونيون أن ثمة مخالفات تشوب هذا المرسوم الذي أعاد الشرعية الى «حزب القوات اللبنانية» الذي يترأسه مالك، أهمها استناده إلى «العفو العام عن بعض الجرائم». علماً أن قانون العفو العام يشمل العقوبات القضائية لا الإدارية، فيما كان سحب العلم والخبر عقوبة إدارية لا قضائية.
مع الأخذ في الاعتبار أن قانون 62 المعني بالجمعيات، يحظر إعادة الترخيص لجمعية منحلة في حال صدور أحكام جزائية مبرمة في حق بعض أعضائها لارتكابهم جرائم (باستثناء صدور قانون بهذا الأمر عن المجلس النيابي).
وبريبة، يلاحظ بعض القانونيين أن العلم والخبر الذي تقدم به جعجع عام 2005 (الرقم 257/أ.د)، لم يأت على ذكر «إعادة القيد» الذي تكرر وزارة الداخلية الكلام عنه أخيراًً. ما يعني أمراً من اثنين: إما أن الوزارة قد أخطأت في تطبيق القانون العام 2005، أو أنها حوّرت مضمون العلم والخبر المعطى آنذاك. وفي الحالتين، ثمة مخالفة.
وفيما رفضت قيادة القوات اللبنانية (التي يترأسها جعجع) التعليق على الموضوع، أكد مالك (الذي يحق له الاعتراض أمام مجلس شورى الدولة في مهلة أقصاها شهران)، عدم معرفته بأي تفاصيل عن هذا الأمر. وكشف تكليفه أحد محاميه متابعة الموضوع مباشرة. ووصف قانونيون المراسيم الحكومية الأخيرة المتعلقة بهذا الموضوع بأنها مخالفة، قائلين إن ما حصل فضيحة قانونية سياسية، وتعبّر عن تدخل حكومي سافر في عمل الجمعيات والأحزاب السياسية، من دون أن ينسى بعضهم الإشارة إلى أن هذا التساهل في التشريع على مقاييس القوات، يترافق مع تضييق استثنائي تمارسه أجهزة وزارة الداخلية في إعطاء العلم والخبر للجمعيات التي لا تلائم سياستها.
وبالعودة إلى موضوع «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، يقول متابعون إن طلب جعجع الاستثنائي من وزارة الداخلية ترافق على الأرجح مع اتصالات تضغط لمصلحته قانونياً، وترفع الغطاء السياسي اللبناني والعربي عن رئيس مجلس إدارة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر.