خالد صاغية
ليس واضحاً من بدأ لعبة تسخيف الانتخابات الرئاسيّة. ليس واضحاً إن كان هذا التسخيف هو المقدّمة لإلغاء الانتخابات، لكنّ الواضح أنّ حصر المسألة بالاتّفاق على «اسم»، وهو ما بلغ مرحلته الكاريكاتوريّة مع الضغط على بكركي لإرسال لائحة أسماء بتشجيع من دبلوماسيّة التهريج الفرنسيّة، هو هروب من الواقع بدلاً من مواجهته، واستدعاء للفراغ بدلاً من السعي لتفاديه.
حتّى البطريرك صفير الذي أرسل لائحة الأسماء، إنّما أرسلها، كما صرّح، حتّى لا تُحمَّل بكركي مسؤوليّة الفراغ، ما يوحي أنّ البطريرك نفسه غير مقتنع بهذه الآليّة، وإن كان بفعلته هذه قد رسّخ سابقة كان قد اقترفها عام 1988 ولم تدرّ فائدة لا على البلاد ولا على الصرح البطريركي.
أمّا الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري فها هما يُصوَّران كما لو أنّهما يمارسان مهمّة الغربلة بدلاً من الحوار، والبحث في لون عيون المرشّح وتسريحة شعره، بدلاً من تقديم التنازلات المتبادلة في الأمور الأساسيّة التي ستواجه تأليف الحكومة وبيانها الوزاري، ودور الجيش وقوى الأمن، وكيفيّة التعاطي مع القرارات الدولية الصادرة حول لبنان.
اللبنانيون الذين يخشون أن تنطلق بين لحظة وأخرى تباشير اشتباكات أهليّة قد تذهب بالبلاد نحو الخراب، يراد لهم أن يقنعوا أنفسهم بأنّ الإشكال كلّه يدور حول أحقيّة الاختيار بين روبير غانم وميشال إدّه مثلاً. ومع الاحترام الشديد للرجلين، فإنّ الواقع، مع الأسف، أكثر تعقيداً من ذلك.