strong> محمد خير
ماذا تعني عبارة «حلم الكوميديا القادم»؟ هل هي مثلاً مشروع ضخم لإنشاء أكاديمية متخصصة بفنون الكوميديا؟ كلا، إنها تعني أحمد حلمي، الفنان الشاب الذي ارتقى ـــــ خطوة خطوة ـــــ قمة الإيرادات السينمائية المصرية. هذا اللقب الذي لم يقدمه الجمهور أو يقترحه النقاد، ابتكرته «روتانا سينما»، القناة التي انهمكت منذ انطلاقها في اختراع ألقاب للنجوم الذين تعرض أفلامهم على شاشتها. ألقاب يتنافس على «اجتراحها» معدّو القناة وبعض المتعاونين معها والعاملون فيها من صحافيين، وعلى رأسهم كانت هالة سرحان، التي لم تكن تجرؤ على أن تطلق على نفسها رسمياً لقبها المفضل «أوبرا العرب». وفي الوقت الذي لا ينكر فيه أحد جماهيرية النجم أحمد السقّا، صاحب الإيرادات العالية دائماً، إلا أنه ليس طبيعياً أن يتقبّل حتى جمهور السقّا لقب «فارس السينما العربية». فذلك يعني إلغاء هذا اللقب من الفنان أحمد مظهر. ومهما بلغت مهارة ولياقة السقّا، وهو يختال بفرسه إلى جوار منى زكي أو نور، إلا أن تلك اللقطات لن تمحو من سجل السينما دور أحمد مظهر في فيلم يوسف شاهين «الناصر صلاح الدين»، فضلاً عن كونه بطل فروسية بالفعل، وأحد أعضاء تنظيم «الضباط الأحرار» الذي قام بثورة 23 يوليو 1952. وهي حقائق يصعب محوها، لمجرد أن السقّا استعرض مهاراته مع الخيل في فيلم «شورت وفانلة وكاب»!
هكذا أطلقت «روتانا» على أحمد رزق «البلدوزر»، وهو لقب محيّر: فلا هو بالنجم الذي «يكتسح» الإيرادات، ولا صاحب موهبة «تلتهم» الكادر. ونظرة واحدة إلى رزق تكشف السرّ، وهو أنه ممتلئ يتميز بزيادة في الوزن!
وإذا قارنّا بين «البلدوزر» و«وحش الشاشة» أو «ملك الترسو»، نلمس فرقاً شاسعاً. اللقبان الأخيران كانا لفريد شوقي، فجسده الضخم كان جزءاً من ملامح «الوحش»، وقوته البدنية ساعدته على مقاومة المجرمين في عشرات الأفلام. كان «شجّيع السيما» الذي يحبه الفقراء والبسطاء، وكانوا يملأون من أجله دور سينما الدرجة الثالثة «الترسو». اختاروا له ألقابه كما اختاروا فيما بعد لقب عادل إمام «الزعيم». والزعامة هنا منطقية، فإمام ارتقى قمة الإيرادات لأكثر من ربع قرن، وعندما تنازل عنها لمصلحة نجوم الكوميديا النظيفة، لم تتراجع إيراداته، بل ظلت تتقدم، حتى عاد إلى القمة في الصيف الماضي بفيلمه «مرجان». أضف إلى ذلك أن مسرحياته تستمر على الخشبة لسنوات، وقد قدم مسلسلين شهيرين هما «أحلام الفتى الطائر» و«دموع في عيون وقحة»... هذه السنوات الطويلة منحت إمام لقباً يوصّف حالاً، ولا يحمل حكم قيمة. فهو «الزعيم» بالإيرادات والجماهيرية. لكن هذا اللقب لا يوصّف قدراته التمثيلية التي ظلت محلّ خلاف، فيما لم يحتج محمد هنيدي إلى كل ذلك التعب والمؤهلات، إذ أطلقت عليه روتانا بمنتهى البساطة لقب «العبقري»! وهو لقب عانى من أجله فنانون بحجم أحمد زكي، زكي رستم ومحمود المليجي.
يمكن القياس والمقارنة بالطريقة نفسها على ألقاب «تاريخية» مثل «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة، و«السندريلا» سعاد حسني، و«فتى الشاشة» و«الدونجوان» رشدي أباظة، و«الدلوعة» شادية، و«الأم» فردوس محمد أو كريمة مختار، وغير ذلك من ألقاب لكل منها سبب أو حكاية، لكنها لا تثير العجب، بل تبدو منطقية متصلّة بأصحابها، تختلف حكماً عن الألقاب «روتانا» التي يحار المشاهد في أسبابها. وإلا فمن هي «إمرأة لكل العصور»؟ إنّها ـــــ وفقاً لـ«روتانا» ـــــ إلهام شاهين. ومن هي «البريئة»؟ ريهام عبد الغفور، ومن هو «الجريء»؟ إنه محمد رجب... لكن كم عدد المشاهدين العرب الذي يعرفونه؟ أما «التفاحة» ليلى علوي، و«الوردة الحمراء» يسرا، فهي ألقاب «روتانية» واضحة المصدر، مأخوذة من أعمال فنية للنجمتين.
اشترت الشركة السعودية من المنتجين والورثة نصف الإنتاج السينمائي المصري، وهي تنتج وتشارك في إنتاج ربع الأفلام الجديدة... فهل اشترت من الجمهور والنقاد حقّ إطلاق الألقاب وتسمية النجوم؟ هي أشياء لا تُشرى.