بيار أبي صعب
إلى كل القلقين على أحوال الثقافة العربيّة، رسالة كتبت على عجل لطمأنتهم: الدنيا بألف خير. وفيما أنتم فريسة النظرة التشاؤميّة نفسها، والمشاعر السلبيّة، والمواقف النقديّة المتطرّفة (المغامرة!) التي تهدد الأمن والاستقرار والسلامة العامة والمقدسات (كدت أنسى المقدّسات)... فيما أنتم تملأون السماء العربيّة الصافية ـــــ كأجمل ما يكون الصفاء ـــــ بنعيقكم وشكواكم، هناك أعين ساهرة، وأدمغة تعتصر في الظل، ومخيّلات تبدع لكم النهضة (الفكريّة والفنيّة والأدبيّة إلخ) المقبلة!
ربّما كنتم لا تعرفون، لكنّ وزراء الثقافة العرب اجتمعوا قبل أيام في الجزائر. هؤلاء العاملون بكدّ، في إطار حكومات عصريّة تعبّر عن تطلّعات شعوبها خير تعبير، لا يوفّرون جهداً للعمل على تنمية الثقافة وتوسيع آفاقها وتنويع أصواتها طبعاً، ونشرها بين الناس خبزاً يومياً، ومدّ قنوات توزيعها، وترسيخ البنى التحتية اللازمة لإنتاجها واحتضانها... لكنّ مهمّتهم هذه المرّة كانت أكثر خطورة.
ثلاثة عشر وزيراً التقوا تلبية لطلب الجزائر ـــــ عاصمة الثقافة العربية ٢٠٠٧ ـــــ التي شاءت أن تختم الهيصة بإنذار قاس وحازم لإسرائيل، مفاده أن كفّي يدك عن القدس وإلا...! فاروق حسني قال لهم، تريّثوا قليلاً ريثما أصبح مدير منظمة الأونيسكو، وسأريها نجوم الظهر (لإسرائيل طبعاً). تغيّب الوزيران اللبناني والعراقي، لانشغالهما ببعض المسائل الطفيفة، ومثلهما ثريا جبران المنهمكة بإقناع زملائها المغاربة بأن ممثلة كوميدية من عامة الشعب بوسعها أن تكون وزيرة جيّدة. لكن زملاءهم كانوا على قدّ الحملة وأكثر!
أيام ويوقف هؤلاء الشجعان العدوّ المغتصب عند حدّه، وخصوصاً أنّهم قرّروا «توحيد السياسات» في هذا المجال (صاروا كلّهم «مقاومة» يعني!)، ويضعون حدّاً لمخاطر تهويد القدس، حتى يتفرّغوا لاسئناف المسيرة النهضوية على كل الجبهات. تحيا الثقافة العربيّة (ووزراؤها)!