نوال العلي
خصّصت مجلة «نقد» عددها الرابع لنازك الملائكة. وكان خيار التحرير، فتح المجال أمام شاعرات عربيّات من الجيل الجديد، لاستعادة نص الشاعرة العراقيّة الراحلة، وتقصي أثرها في تجاربهن: لميس سعيدي (الجزائر)، هنادي المالكي (العراق)، لمياء مقدّم وإيناس العباسي (تونس)، خلود الفلاح (ليبيا)، عنود عبيد (السعوديّة)، عائشة السيفي (عُمان)، كاتبة هذه السطور من الأردن. وكانت النتيجة أن الأقلام الشابة انجرّت وراء مطبات «الذاتيّة»، فكتبت عن تجارب شخصية، ومرّت مرور الكرام على تجربة الملائكة. وإن دلّ استعراض الكتابات على شيء، فعلى العلاقة السطحية التي يقيمها هذا الجيل من المبدعات مع أدب الملائكة.
في الافتتاحيّة، يصف رئيس التحرير الشاعر ماهر شرف الدين تجربة الملائكة بأنّها «أشبه بالورطة النقدية». فهي صاحبة تجربة الشعر الحرّ التي ما زال الخلاف على ريادتها قائماً، وهي صاحبة تجربة نقدية متخصصة كأستاذة جامعية، فضلاً عما يسمى بردّتها عن الحداثة الشعرية. ويرى أنّ «قراءة منهجية لآثار الملائكة وسيرتها، ورصد تقلباتها النفسية ستُلزم نقادها بما هو أكثر من معيار النقد الأدبي. ومن ذلك استبدال تعبير ردة بآخر: النكوص».
في باب الدراسات، كتب الشاعر شوقي عبد الأمير دراسة «لا أبوة لها ولا أبناء في الشعر العربي»، تناولت حضور الموت في قصيدة الملائكة، قائلاً إنه «لا يوجد أي مثل شعري ولا حتى فلسفي في تأريخنا المعاصر ولا القديم، يمكن أن يشكّل مرجعية أو سابقة لمشهد الموت الملائكي». ويبين الناقد ماجد السامرائي أن الملائكة كانت «منهمكة بالنظرية الشعرية أكثر من الإبداع الشعري، فأصبح وعيها النقدي طاغياً على وعي ذاتها الإبداعية». فيما يذهب الباحث حبيب بوهرور ليؤكد أن الملائكة تستنطق النص الشعري وتعيش في أجوائه بحثاً عن أصول فنية أو تجسيداً لمقولة نقدية. وفي «حول التوازن الدقيق بين الجديد والثابت»، شرّح الناقد جورج طراد كتاب «قضايا الشعر المعاصر»، موضحاً موقف الملائكة من الوزن والإيقاع ومن الغموض في القصيدة والالتزام في الشعر. الناقد عبد الحق بلعابد قدّم تحليلاً لقصيدة «أنا» التي تتناول فيها الشاعرة الرائدة خصوصية القصيدة، من حيث هي قصيدة «الآخر المؤتلف على لسان الأنا». وكتب الشاعر علي المناع عن «استعمال الموروث» لدى الملائكة، متخذاً من قصيدة «الماء والبارود» نموذجاً لدراسة العناصر التراثية في شعرها. فيما تطرق الناقد نور الدين محقق إلى قصيدتي «كبرياء» و«الكوليرا». أما الناقد عرفات فيصل، فجعل من قصيدة «لعنة الزمن» نموذجاً لدراسة حضور التشخيص وتوظيف الأساطير في القصيدة. فيما تطرق رابح طبجون إلى علاقة الملائكة بالإبداع الغربي. ورأى أنّ تنازعاً بين الأساس الشرقي والفهم الغربي صبغ شخصيتها الشعرية وشكّل فرادتها. وقد تضمنت «نقد» مختارات شعرية للملائكة.