خالد صاغية
حين تصل السياسة إلى مأزق، تلجأ الدول البرلمانيّة عادة إلى الانتخابات.
حين تصل السياسة إلى مأزق، يلجأ لبنان إلى الجنرالات.
الهروب من السياسة إلى خارجها لعبة يتقنها الزعماء اللبنانيّون، ويمارسونها بخفّة لا تكاد تُحتمَل.
هكذا اعتبرت السلطة أيّ حديث عن انتخابات مبكرة خرقاً للدستور، وتزويراً لإرادة الشعب. أمّا تعديل الدستور لإيصال قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة، فهو ما ترحّب به السلطة نفسها. بكلام آخر، حين قرّرت السلطة تقديم تنازل ما، فضّلت تقديمه لحكم العسكر على تقديمه لحكم المواطنين.
يحدث ذلك، وتجربة إميل لحود المريرة لم تمضِ أيّام على انتهائها، ومخيّم نهر البارد لا يزال منطقة منكوبة بعدما شهدت ساحتها أبشع أنواع الارتكابات. يحدث ذلك، وجرح الضنّية لمّا يندمل.
لسنا هنا أمام من يخيّرنا، كما يفعل الجنرالات عادة، بين حريّة أكثر أو عدالة أكبر. سنكون بالتأكيد أمام عودة التحالف بين السياسات الاقتصادية المنحازة طبقياً والجزمة العسكرية الجاهزة للقمع. شهدنا تفاهماً من هذا النوع في النصف الأوّل من التسعينيات. نستطيع أن نتخيّل نتيجة تحالف كهذا حين يأتي معطوفاً على معادلة: «أنا أو الحرب الأهليّة».
كالعادة، سيترحّم اللبنانيّون على العهود السيّئة التي كلّما انقضت جاء عهد أسوأ منها.