القاهرة ــ محمد عبد الرحمن
ينطلق غداً في القاهرة، ملقياً بظلاله على مهرجان السينما الشهير. وزير الإعلام المصري راهن على الـ«نيو لوك»، وجائزتي نجيب محفوظ، وحشَد النجوم والتلفزيونات العربية، لإحياء هذا المشروع المثقل بالإخفاقات...

عندما تقرر إدارة مهرجان أن تُحدث تغييراً جذرياً في نظام فعالياته، فتعدّل اللوائح وتغيّر مقرّه، ثم تنظّم الكثير من الحفلات، وتكرّم المخضرمين... فهذا يعني أنها تستجيب للانتقادات الموجهة إلى دورات السنوات الماضية. أما تغيير اسم المهرجان نفسه، فيدلّ على رغبة القائمين عليه، في الفصل بين الماضي والحاضر، ومطالبة متابعي فعالياته بنسيان ما فات، والحُكم فقط على ما هو آتٍ.
«مهرجان القاهرة للإعلام العربي»، أو «مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون» سابقاً، يعود بطلَّةٍ مختلفة هذا العام، إذ تنطلق فعالياته يوم غد وتستمرّ حتى الخميس المقبل، تحت إشراف مُباشر من وزير الإعلام المصري أنس الفقي. هذا الأخير بدا كأنه يتعامل مع الدورة الجديدة، على اعتبار أنّه يؤسس لمهرجان مختلف عن ذلك الذي دُشّن قبل سنوات، في عهد سلفه صفوت الشريف. وبدا أن الفقي أفاد من أخطاء الدورتين اللتين أقيمتا في عهده، فقرر أن يكون المهرجان إضافةً في سجلّه الوزاري.
هذا على صعيد الشكل، فماذا عن المضمون؟ رسالة المهرجان في دورته الـ13 جاءت تأكيداً لأهمية التعاون الفني العربي، بدءاً من الاسم، وصولاً إلى اختيار الممثل السوري المخضرم أسعد فضة رئيس شرف المهرجان، وتكريم خاص للمغرب، وتقسيم لجان التحكيم مناصفة بين المصريين والعرب.
في الكواليس، يردد موظفو وزارة الإعلام أن الوزير ورجاله لم يرضوا أن ينجح ملتقى المنتجين العرب الذي أقيم العام الماضي تحت رعاية جامعة الدول العربية، فيما لا يسجل مهرجان وزارة الإعلام سوى الإخفاقات. لذا كان منطقياً أن يحلّ ضيوف ملتقى المنتجين العرب مجدداً في ضيافة مهرجان الإعلام العربي، مع الحرص على تغيير الكثير من التفاصيل، أهمها نقل مقر الفعاليات إلى فندق «سيتي ستارز» في مدينة نصر، شمالي القاهرة، وهو من الفنادق التي يرتادها العرب في زياراتهم لمصر، فيما بقيت مدينة الإنتاج الإعلامي مقر المهرجان القديم، ما قلّل وقتها من التفاعل بين الصحافة والمهرجان نتيجة بُعد المسافة، وعزل الضيوف ولجان التحكيم بعيداً من قلب القاهرة، علماً أن ملتقى المنتجين العرب شدد كثيراً على هذه النقطة، عندما أقام فعالياته في فندق قريب من الأهرام، وداخل كلية الإعلام في جامعة القاهرة.
بعد تغيير المقر، جاء دور نظام توزيع الجوائز الذي شهد تغييرات عدة، تلافياً لمهازل الدورات السابقة. ولعلّ أبرزها تقسيم الجائزة الواحدة على عملين أو ثلاثة، حتى لا يغضب الضيوف العرب، ويتهموا الدولة المضيفة بالانحيار إلى أعمالها المحلية. وعلى رغم المجاملات التي شابت جوائز المهرجان طويلاً، لم يمنع ذلك تهديد الوفد السوري بالانسحاب من دورة العام الماضي، احتجاجاً على عدم نيله الجوائز المتوقعة. فالجميع كان يحضر، وهو يعلم مسبقاً أن الجوائز ستوزّع بالتراضي لا انطلاقاً من قيمة العمل الفنية، الأمر الذي يحمّل دورة هذا العام مهمة ثقيلة، وهي إعطاء لجان التحكيم الحرية الكاملة في توزيع الجوائز، بعد تطبيق النظام الجديد (راجع البرواز).
لكن ماذا عن الحفلات التي راهن المهرجان عليها كثيراً في السابق؟ في العام الماضي، انسحب خالد سليم من حفلة الافتتاح بسبب عدم جهوزية الإمكانات الصوتية، حتى إن راوية بيّاض، عضو اللجنة المنظمة، قالت إن الدورة الجديدة لا تسعى وراء الأسماء، بل وراء إنجاح الحفلات. فالوضع لم يعد يحتمل أي فضيحة جديدة، ويكفي أن عمرو دياب ومحمد منير يعتذران كل سنة عن عدم تلبية الدعوة، لضعف التجهيزات الفنية. وهو ما فعلته سميرة سعيد هذا العام، ولكن لسبب مختلف يعود إلى توقفها عن إحياء حفلات لا تشارك في الإشراف عليها. وكانت الدعوة وُجِّهت إلى سعيد لتكون نجمة الليلة المغربية. وبعد اعتذارها، وقع الاختيار على ليلى غفران وفؤاد زبادي. أما حفلة الافتتاح فتحييها آمال ماهر مع ماجد المهندس وعبد الله الرويشد. أصواتٌ من مصر والعراق والكويت، علّها تكون كافية لإقناع الجمهور بأن المهرجان «عربي» بالفعل، فيما ينتظر الجميع أمسية ماجدة الرومي يوم الثلاثاء المقبل. وقد بدأت المغنية اللبنانية بروفات مكثفة في استديوهات ماسبيرو.
نجاح الحفلات بات أمراً ضرورياً للمهرجان، بعد الانتقادات التي وجّهها عزت أبو عوف، رئيس مهرجان السينما، إلى وزارة الإعلام بسبب إقامة مهرجان الإعلام العربي بالتزامن مع «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» حتى إن مهرجان السينما اضطر إلى إلغاء السوق الخاصة به، بسبب وجود سوق مماثلة في مهرجان التلفزيون. وخلال جولة في مدينة الإنتاج الإعلامي حيث تعمل لجان التحكيم، نبّه أنس الفقي إلى ضرورة توفير المواد الإعلامية اللازمة، بعد شكوى الصحافيين من تقصير المركز الإعلامي. وشدّد على توزيع توصيات المهرجان على الجهات الإنتاجية العربية للإفادة منها، وكرر مساندته لمؤتمر الدراما المصرية، مطالباً الكتّاب بإطلاقه حتى لا يبقى حبيس الأدراج.