السؤال الذي يُثار هنا بعد «اعترافات» بدر شاكر السياب هو: هل كان حقاً شيوعياً؟ أمام هذا السؤال، لا بدّ من العودة إلى وثيقتين هما شعره ومذكّراته. في ما يخصّ شعره، لا يمكن أن نقع على «شيء شيوعي» فيه على وجه التحديد، بقدر ما يلامس بحسّ وطني عال القضايا الوطنية التي هي «قاسم وطني مشترك» بين جميع الحركات الوطنية والتقدمية المناوئة للاستعمار وأعوانه. هكذا، جاء شعره أقرب إلى «الروح العربية» و«النزعة القومية» منه الى «الأفكار الأممية». وهذا ما كشفت عنه في وقت مبكر ملحمته الشعرية «المومس العمياء» التي لم تكن بنت يومها، بل محصلـــــة معانــــاة اجتماعية وتفاعلات ذاتية ووجدانية وفكرية... و«موقفيــــــــة» أيضاً مع المقهورين اجتماعيـــــاً. فكما جاء في هذه المذكرات، نشأ بدر شاكر السياب «كارهاً للظلم محباً للآخرين. وجاءت الشيوعية التي تنادي بالعمل للجميع والطعـام للجميع والعدالة والمساواة بين البشـــــــر» (كنت شيوعياً: ص 8)، فانتمى الى ما اعتبره روحاً وطنية تقدّمية، كما فعل كثيرون سواه قبل أن يدخلوا في صراعات فكريّة وأخلاقية وسياسيّة مع المؤسسة الحزبيّة.