ما كانت السماء لتصفو، لو لم تكن في حالة عشق. وما كان النهر ليجري، إن لم يكن في حالة عشق. وما كان لشيء أن ينمو، لو لم تكن الجبال والأرض في حالة عشق»، هذه إحدى عبارات «مولانا» الشاعر الصوفي الشهير جلال الدين الرومي الذي احتفل معتنقو الصوفية بذكرى ميلاده الثمانمئة أول من أمس. شهرة الرومي التي تمتدّ منذ أكثر من 800 سنة وصلت الى الولايات المتحدة الأميركية حيث كان ذلك المتصوّف يعتبر الشاعر الأكثر شعبية في أميركا منذ القرن الثالث عشر، حيث غنّى ترجمات شعره أشهر نجوم موسيقى البوب الأميركية. أما الجاذب في تلك الأشعار فهو القصائد التي تعظّم قوة الحب، والروح والموسيقى، إضافة الى «العشق» الأزلي لله.
ولد جلال الدين الرومي عام 1207 في بلخ في وسط آسيا، وهي تعتبر الآن جزءاً من أفغانستان.
وكانت للصوفية جذور عميقة في المنطقة قبل أيام الرومي حتى، فكانت تنتشر بكثرة حلقات الغناء والذكر الصوفي. واستقرّ في تركيا مع عائلته حقبة من الزمن، وبعــــد مقتل أحد أعزّ أصدقائه، وهــو درويش فارسي يدعى شمـــــــس التبريـــــــزي، حلّت الكآبة على الرومي لسنوات، لكنه في ما بعد كتب أعظم أعماله الشعرية، وهو ديوان المثنوي.
ويصف الرومي في ديوانه انفصال الروح عن الرب والتوق المتبادل للتوحّد ثانية. وقد اتّسعت شعبية الرومي وكتاباته لأنها كانت تخاطب علماء الدين، والاجتماع وحتى الناس العاديين في الشرق والغرب، إذ كانت معانيها مشبعة بالعواطف والسمات الإنسانية.
وأما اليوم فلا تبدو التقاليد الصوفية بــــــــارزة في أفغانستان الحديثة. ويشرح البروفيسور عبد الله روحن، أنّ الإقبال على شعر الرومي تراجع أخيراً، إذ «قبل أربعين عاماً كانت أوضاع الناس الاقتصادية أفضــــــــل.
كان الناس يعملون في الصيف في جمع طعامهم، وفي الشتاء يأكلونه. فكان لديهم وقت فراغ في الشتاء، يجتمعون فيه في المساجد وينشدون شعر مولانا». ويضيف روحن أن «حكم الشيوعية في أفغانستان دفع الى ازدراء الشعر، إذ كان ينظر إليه على أنه تخلّف. ثم جاء حكم الطالبان الذين سحقوا الصوفية وحظروا الموسيقى». لكن يؤكّد روحن استعادة الصوفية بروزها في المجتمع الأفغاني. وحسبما يرى روحن فإن جلال الدين الرومي «نقل الصوفية خارج سياج النساك إلى قلوب الجماهير». وقد أوّل كثيرون من مريديه الغربيين رسالته علمانياً، ولكن روحن يؤكّد أنّ رسالـــــــة الــــرومي الأساسية هي رسالة دينية ولكنها كانت جامعة لكل المبادئ والأديان، ويشير الى أن المسيحيين واليهود توافدوا على تشييع جنازة الرومي مثلهم مثــــــــل المسلمـــــين.
«إني امرؤ لا يخشى العشق، إني فراشة لا تخشى الاحتراق»، يتعالى صوت الأبيات الشعرية للرومي من منشد في فرقة موسيقية في مزار الشريف لا تزال تعزف على آلة الأرغول التي كانت الآلة المفضّلة للرومي، ثم تتتالى الأناشيد والذكر ويطول الغناء لمدّة عشر دقائق.
(بي بي سي)