من خلال «المملكة»، يخوض بيتر بيرغ تجربته الرابعة مخرجاً، بعدما اشتهر منذ منتصف الثمانينيات ممثلاً في أفلام عدة، منها «اتصال عاجل» لباند مامبر (1988)، و«وحيداً في الليل» لجاك هيميت (1993)، و«الإغراء الأخير» لمايك سوال (1994). ويحمل الفيلم على الصعيد الأسلوبي بصمات منتجه مايكل مان (Heat, The Insider...)، الذي يعدّ بيرغ أحد تلامذته. كما أن بعض مشاهد العنف والاشتباكات المسلحة في «المملكة» تذكّر بطابع مضاهاة التحقيق التلفزيوني الذي تشتهر به أفلام السينمائي البريطاني مايكل ونتربوتوم، وبالأخص «ساراييفو».وإذا كانت القضايا العربية حاضرة بقوة في أفلام الموسم الحالي، كما لاحظنا في أبرز المهرجانات الدولية من «كان» إلى «تورنتو» مروراً بـ«البندقية» حيث قُدّمت ستة أفلام عن الحرب في العراق، إلى جانب أفلام أخرى عن فلسطين ودارفور والجزائر.. فإن «المملكة» يأتي امتداداً لموجة أخرى من الأفلام التي لا تجري أحداثها في العالم العربي فقط، بل تنصب تحديداً في كشف عورات الأنظمة العربية ومساوئها. وقد بدأت هذه الموجة، قبل عامين، بفيلم «سيريانا»، وتتواصل خلال الموسم الحالي من خلال «المملكة» وأيضاً من خلال فيلم «تمزق» لغيفن هوود الذي يصوّر كيف تلجأ وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، في خضم الحرب العالمية المعلنة من الإدارة الأميركية على الإرهاب، إلى الاستعانة بالباع العربي الواسع في مجال تعذيب واستنطاق المساجين، فتقوم بتوريد المعتقلين المهتمين بالإرهاب نحو مخافر أجهزة المخابرات في دولة عربية تبدو في سياق الفيلم أنّها مصر. وموضوع القمع والتعذيب والعنف البوليسي ذاته يتناوله يوسف شاهين، من وجهة نظر عربية، في فيلمه الأخير «هي فوضى».
ويُرتقب أن تستمر هذه الموجة في الموسم المقبل، حيث يجري التحضير حالياً لمشاريع سينمائية عدة تفضح مساوئ الأنظمة العربية. ومنها فيلم «إنديانا جونز» المقبل الذي ستدور أحداثه في دولة عربية يُرجّح أنّها سوريا.