من كان يتصوّر أن الولايات المتحدة، «زعيمة العالم الحرّ» ستنساق نحو تقنين التعذيب وتبريره منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر)؟ كثيرون ممن اشتهروا دعاة للحرية، خلال الحرب الباردة، تحوّلوا اليوم مناصرين للتعذيب في خضم الحرب على «الإرهاب». بين هؤلاء، المحامي هنري مارك هولزر، أخصائي أميركي في القانون الدستوري، وبروفيسور مرموق في معهد القانون في بروكلين، نشر أخيراً دراسة بعنوان «دفاعاً عن التعذيب». جاء فيها: «إن مفهوم التعذيب هو إخضاع شخص لألم حاد من لانتزاع معلومات أو اعترافات منه. ويُجمع المعلّقون على أن التعذيب أمرٌ بشع، لا يليق اللجوء إليه بنظام ديموقراطي، مهما كانت الأسباب. لكن هل يُعقل ذلك؟ تصوّروا، لو توصّل خبراء مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى إلقاء القبض على إرهابي وضع قنبلة نووية في واشنطن، وقام بضبطها كي تنفجر بعد ساعتين. فما الذي يجب فعله؟ إما البقاء مكتوفي الأيدي أو انتزاع المعلومات منه بالقوة عن طريق التعذيب. وبالنسبة إلى دعاة السلام واللا عنف، مثل الرئيس السابق جيمي كارتر أو رمسي كلارك، سيكون الأمثل عدم فعل شيء، والبقاء مكتوفي الأيدي في انتظار «الهولوكوست النووية». أما بالنسبة إلى أي شخص يتعامل مع الأمور بواقعية وعقلانية، فالخيار سيكون اللجوء إلى التعذيب، ولو على مضض»! ومن أنصار التعذيب الجدد أيضاً، «داعية الحرية» السابق جاك فيلر، مؤسس جمعية Freedom Research Foudation التي كانت تعمل على نشر الحريات والديموقراطية خلال الحرب الباردة، قبل أن يتبين أنها كانت أداة بيد «سي آي إيه» لتجنيد عملاء سريين لمحاربة الشيوعية. كتب فيلر في «واشنطن تايمز» بعد اعتقال مدبّر هجمات 11 سبتمبر، خالد شيخ محمد: «أقترحُ لاستنطاق خالد شيخ محمد، طريقة مبتكرة أقوى مئة مرة من التعذيب بالكهرباء وبأجهزة كشف الكذب التقليدية. وتتمثل في وضعه داخل أحد أجهزة المسح الدماغي IRM، وربط هذا الجهاز بآلة كشف الكذب عبر رصد التفاعلات الكيميائية في الدماغ. وبعد ذلك يجب أن يُحقن بمادة SuccinylCholine Chloride التي تُستعمل كمادة منوّمة في المجال البيطري! وسيكون لها مفعول فوري في شلّ الوظائف التنفسية لخالد شيخ، فُيربط بجهاز للتنفس الصناعي، ويُشرح له الوضع الذي يوجد فيه. ثم تُطرح عليه الأسئلة المطلوبة. وكلما بيّن المسح الدماغي أنه يكذب، يُقطع جهاز التنفس الصناعي عنه، حتى يكاد يختنق، ثم يعاد إنعاشه، وهكذا دواليك. ولن تمرّ ساعة أو اثنتان حتى يشرع في التغريد، أحسن من سرب كامل من طيور الكنار»!