عمّان ـــ باسم الحكيم
شارف رمضان على الأفول ومشاكل «الفرصة» لم تنته بعد. البرنامج الذي عوّلت عليه محطة «الجديد»، يشهد نزاعات لا تحصى. ما قصة الخلاف؟ ومَن يفوز به في الموسم المقبل؟ زيارة إلى كواليس تصوير الحلقات الأخيرة...

وفي ليلة «القدر»، نال برنامج «الفرصة» أول من أمس فرصة زيارة الملكة رانيا إلى استديو التصوير حيث أطلّت بصورة مفاجئة، برفقة والدة المشترك محمد شمص، الآتية من غزّة (راجع "رحلة البحث في غزّة"). ولعلّ هذه الزيارة ستفتح صفحة جديدة بين الشركة المنتجة «سيدر أوف آرابيا» من جهة، وتلفزيون «الجديد» ومعه طوني خليفة من جهة ثانية، وخصوصاً أن الطرفين لم يتوصلا بعد إلى رؤية مشتركة للبرنامج وظلّت الخلافات سيدة الموقف حتى يوم أمس.
تشبه حال «الفرصة» ذلك الطفل الذي يتنازعه زوجان، فدفع ثمناً، لا ذنب له فيه. ولم يشفع للبرنامج الذي يحمل في مضمونه معاني إنسانية ـــــ في ظلّ توجه بقية البرامج إلى الحوارات الفنيّة ـــــ أن يسلم من الاختلافات الحادّة في وجهات النظر بين فريقي النزاع... ما أثّر في نسبة مشاهدته، المقبولة عربياً، وغير المرضية لبنانياً، إذا ما قورنت بنسب مشاهدة برامج أخرى على «الجديد» في السنوات الماضية. وعلى رغم سوء التفاهم حول الشقّ المادي بين الشركة المنتجة والمحطة»، منح البرنامج الجوائز إلى المشتركين والمشاهدين والجمهور الحاضر في الاستديو.
ولأنّ الحلقات الأولى لم تحقق الصدى المطلوب، اقترح «تلفزيون الجديد» دعوة الصحافيين إلى عمّان لمتابعة البرنامج عن كثب، «كي لا يُظلم كما حصل في الأيام الأولى، وخصوصاً في الصحافة اللبنانية والأردنية». فما قصة الخلاف؟ وما هي وجهة نظر طرفي النزاع؟
يبرّر طوني خليفة الأخطاء التي وقع فيها البرنامج في حلقاته الأولى، قائلاً: «نقدّم «فورما» محلية تنفّذ للمرّة الأولى، بينما البرامج المستوردة مثل «ستار أكاديمي» و«سوبر ستار»، سبق تنفيذها مرات عدّة قبل أن تصل إلى لبنان بصورتها النهائيّة. أي يمكننا اعتبار الموسم الأول بمثابة محطة تجريبيّة لبرنامج «الفرصة» الذي يعطي الأولوية لحالات المشتركين على حساب الضيف». ويؤكد أنه «سيتم تلافي الأخطاء في المواسم المقبلة، وخصوصاً أنني أمتلك رؤية مختلفة للديكور، وتصوّراً آخر لحالات المشتركين». ويسأل خليفة، منتقداً اختيار فريق الإعداد للحالات: «من بين سبعين مليون مصري، يعيشون الجوع والفقر ومشاكل صحية واجتماعية لا تحصى، لم نجد سوى شاب يبحث عن فرصة لإنشاء نادٍ رياضي؟ ثم كيف يُسمح لمشتركة تعاني مرضاً نفسيّاً، ولا يجدر تركها للحظة خارج المراقبة أن تنضم إلى المشتركين؟».
إلا أن ما يراه خليفة خللاً في البرنامج، تدافع عنه المخرجة زينة صوفان التي عملت مع رمزي الراسي في شركة «سيدر أوف أريبيا» على تطوير فكرة خليفة، فتشير إلى أن «الحالات الإنسانيّة والمعيشيّة الصعبة، يجب أن تحلّها الوزارات المعنيّة». لكنها تسأل عن المانع في اختيار المشاهد للحالة التي يراها الأحق بالفرصة: شاب يريد إعادة نشر كتب نادرة، وآخر ينتظر تأسيس مراكز أبحاث لخدمة المجتمع...
وإذا صحّ رأي الإخراج في أحقية أصحاب المشاريع بفرصهم، فإن خليفة يبدو محقّاً أيضاً في أن بعض الحالات لا تستحقّ المشاركة، ويمكن استبدالها بحالات تحتاج أكثر إلى فرصة. وهنا يعترف زياد لحّود الذي يتابع وضع المشتركين منذ البداية، بأن مدة الكاستينغ لم تكن كافية. ومع ذلك، فإن الحالات المشاركة جديرة بالاهتمام: إنشاء دار لتأهيل أطفال الشوارع، أو تأمين مؤسسة لرعاية الأطفال ذوي الحركة الزائدة. كما وضع البرنامج رقم هاتف خاص، لتلقي اتصالات مشاهدين، يرغبون في مساعدة المشتركين. لذلك، يؤكد لحّود أن البرنامج، لن يكتفي بالموسم الأول، بل سيطل في مواسم مقبلة.
أما فيصل الشبول، مدير التلفزيون الأردني الذي ينقل البرنامج أيضاً، فيردّ على من يتهم «الفرصة» بأنه يتسوّل من أجل مشتركيه، بأن «بعض الحالات أعطت هذا الانطباع، لكنّنا نظلم البرنامج إذا ما اعتبرناه منبراً للتسوّل. علينا أن نميّز بين من يبحث عن فرصة، ومن يستعطي».
وفيما يرى المنتج التنفيذي يوسف الخوري أن مطالبة طوني خليفة «تلفزيون الجديد» باختيارنا للبرنامج، جميلٌ لن ننساه، ينتقد تأخر المقدم التلفزيوني في الوصول إلى الاستديو حتى الدقائق الأخيرة التي تسبق البرنامج. ما يحول دون اجتماع يومي ضروري بين فريق الإعداد وطوني خليفة وأسيل الخريشا. كما ينتقد الفقرة التي أصرّ عليها خليفة في البرنامج، وهي فقرة أسئلة الضيوف عن أمور لا تكشف إلا في الحلقة الأخيرة، معتبراً أن «هذه الفقرة لا علاقة لها بالفرصة لا من قريب ولا من بعيد». ويذهب إلى اعتبار غالبية أسئلة الضيوف، غير مهمّة. وعن كيفيّة تقديمها، يضع الإجابة رهناً بالحلقة الأخيرة. أما بالنسبة إلى فقرةVIP التي كانت مقررة للعرض، ولم تقدم، فيكشف الخوري عن فقرات جاهزة، يتحدث فيها غبريال يارد، آلان ستيوارت، مساري وغيرهم، عن «فرص» اقتنصوها في الحياة، مرجّحاً عرضها في ختام الشهر.
ويدافع طوني خليفة عن امتناعه عن وضع السمّاعات للتمكن من التواصل بينه وبين المخرجة والمنتج التنفيذي، عازياً ذلك إلى «التهابات في أذني، اقتضت دخولي إلى المستشفى»، متهماً الإنتاج بقصوره عن تأمين سماعات مناسبة منذ الأيام الأولى حتى اليوم. وهذا ما جعله يضع السماعات العادية بين الحين والآخر.
أما على مستوى الضيوف، فيغوص خليفة في الحوارات، ما يضطر القيمين على البرنامج، إلى إلغاء بعض الفقرات. هنا، يقول إن «احترامي للمعلومة، أغلّبه على احترامي للوقت. ويبرر عدم احترامه للوقت، بأنه يقدم واحداً من أكثر البرامج صعوبة. بينما ينتقد الخوري هذا الأمر، مطالباً «باحترام الوقت».
على رغم وصول «الفرصة» إلى حلقاته الأخيرة، فإن الأخطاء التنفيذيّة مستمرة، وقلّما تمرّ حلقة من دون خطأ إخراجي واحد على الأقل. وتدافع المخرجة زينة صوفان متحدية أي مخرج أن يتمكن من تقديم كادرات أفضل في ديكور دائري وضيّق، لا تسهل فيه حركة الكاميرات. وتقول: «أعمل كمخرجة منذ عشرين عاماً، قدمت مختلف أنواع البرامج المسجلة والمباشرة. وفي برنامج يومي، يتحول الإخراج إلى عمل روتيني». هذا ليس كل شيء. ينتقد البرنامج الذي يعرض كل ليلة التقرير نفسه عن المشتركين. وتظل هذه الأفلام القصيرة والمصوّرة بكاميرا هواة على ما يبدو، قاصرة عن التعريف بحالات المشتركين عن كثب.
وفيما تجري صوفان تقويماً ذاتياً لأدائها وتقويماً للبرنامج الذي تراه ناجحاً من دون الوصول إلى القمّة، ترى نفسها الأحق بإخراج هذا البرنامج الذي رافقته منذ الولادة، معترفة بأنه ما زال قابلاً للتطوير موسماً بعد موسم، باعتبار أن حقوق البرنامج ملك للشركة المنتجة. وإذا كان العاملون في البرنامج، يُجمعون على أنه ليس سوى الموسم الأوّل، ففي قبضة من سيكون الموسم الثاني؟ في أيدي الشركة المنتجة التي عملت على تطوير فكرته، أم في أيدي طوني خليفة صاحب الفكرة ومعه المحطة الراعية «تلفزيون الجديد»؟
21:45 على «الجديد»

رحلة البحث في غزّة

ابتسم القدر أخيراً للمشترك اللبناني محمد شمص (27 عاماً) في برنامج «الفرصة»، وتحقق اللقاء المنتظر بينه وبين والدته بعد 25 عاماً تقريباً على الفراق. أي منذ خبأته وإخوته في براميل خلال مجزرة صبرا وشاتيلا. وعندما عادت لتتفقدهم لم تجدهم، فتوقعت أنّهم قتلوا. هكذا هربت الأم إلى السودان، ثم انتقلت إلى غزّة. أما محمد فبقي في الميتم حتى الـ18 من العمر قبل أن ينتقل للعيش عند والده، ويبدأ رحلة البحث عن والدته. هذا الشاب الذي تعرّف إليه الجمهور بطلاً في فيلم «ويست بيروت» للمخرج زياد دويري، شارك في البرنامج بحثاً عن «فرصة» للقاء والدته. وإذا كانت المفاجأة قد تحقّقت على يد الملكة رانيا، فهي تبنّت أيضاً مشروع معالجة والدة المشترك السوري مروان الطواشي الذي يعمل على بسطة خضار ويعيش حالة فقر مدقع مع والديه.
وكان العمل على تذليل العقبات وتسهيل دخول الأم إلى عمّان، قد بدأ بسريّة تامة على جبهتين: الديوان الملكي وفريق الإعداد. وبدأ عملهما منذ طرح شمص قضيته للمرّة الأولى. وقد وصلت الأم إلى عمّان بعد ظهر يوم الأحد. لكن جبهة ثالثة، كانت قد دخلت على الخط. فالنائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي (ضيف حلقة هذا المساء)، كان ينسق مع وزير الداخليّة الأردني عبد الفايز لإصدار موافقته على دخول الأم إلى عمّان. الا أنّ الإجراءات الملكيّة كانت أسرع، ومكنت الوالدة من مغادرة غزّة إلى عمّان قبل أيام من نهاية شهر رمضان.
يذكر أن شمص قبل أن يحقق فرصة لقاء والدته، تلقّى عرضي عمل، أحدهما من نضال الأحمدية في قناة «الجرس»، وثانيهما من «تلفزيون الجديد». كما حصل على سيارة كهديّة من البرنامج.