أبو ظبي ــ بشرى عبد الرحمن
تمضي إمارة أبو ظبي في منافسة جارتها دبي، مراهنةً على الثقافة والتربية. وبعد جزيرة السعديّات ومتاحفها العالميّة، من اللوفر إلى غوغنهايم، جاء دور السينما... لا شكّ في أنّ «مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي» الذي يقام حالياً في قصر الإمارات أحد أفخم فنادق العالم، يندرج في هذه الخانة. مهرجان جديد للسينما في المنطقة العربيّة التي أصيبت بتخمة مهرجانات، فيما صناعتها السينمائية إلى انحدار متواصل.
الحملات على «مهرجان الشرق الأوسط» الذي تشرف عليه «هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث» بدأت أياماًَ قبل انطلاقه. شنّ الاعلام المصري هجوماً عنيفاً على المهرجان، ودعت النقابة السينمائيين المصريين إلى مقاطعة دورته الأولى التي بدأت أمس، بسبب مشاركة فيلم إسرائيلي، هو «زيارة الفرقة الموسيقية”. فيلم المخرج عران قوليرين يدور حول فرقة موسيقية مصرية تزور إسرائيل في بداية التسعينيات لإحياء حفلة في أحد المراكز الثقافيّة العربيّة. لكنّها تضل طريقها إلى الصحراء، فيلتقي أفرادها صاحبة حانة تخبرهم بعدم وجود أي مركز ثقافي، وتنشأ علاقة بينها وبين قائد الفرقة.
المديرة التنفيذية لمهرجان أبو ظبي نشوى الرويني، انتظرت طويلاً قبل أن تكذّب خبر المشاركة الإسرائيليّة. إذ نفت أخيراً أن تكون إسرائيل بين الدول المشاركة في المهرجان. فيما تقول جهات أخرى إن إدارة المهرجان تراجعت عن قرارها بإشراك الفيلم، بعد ردود الفعل العنيفة التي أثارتها، خصوصاً أن صحيفتي «يديعوت أحرونوت» و«هآرتس» الإسرائيليتين، أكدتا في وقت سابق مشاركة «زيارة الفرقة» في أبو ظبي.
و يندرج المهرجان ضمن طموح معلن بتحويل أبو ظبي إلى «عاصمة ثقافيةً دوليةً»، و”إطلاق دينامية سينمائية عربية”. وتحتضن الدورة الأولى ندوة عن «تمويل الأفلام في المنطقة العربية»، لخلق «تواصل بين صانعي الأفلام والممولين الدوليين» و«تأمين فرص لصناعة السينما في الشرق الأوسط، وجعل أبو ظبي نقطة جذب لهذه الصناعة». لكن لماذا الشرق الأوسط، وليس العالم العربي؟
وتقام الدورة الأولى من «مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي»، تحت شعار «حيث تصبح اللآلئ نجوماً» وتستمر حتى 19 الشهر الحالي. يشارك فيها 80 فيلماً من 38 دولة بينها 13 عربية (لبنان، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، السعودية، سوريا، تونس، اليمن، الأردن...). وتتضمن مسابقته الرسمية 12 فيلماً ستتنافس على جوائز «اللؤلؤة السوداء»، بينها فيلم نادين لبكي «سكر بنات»، و«برسبوليس» للإيرانية مرجان ساترابي. أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتتضمن ستة أفلام بينها «سلطة بلدي» لناديا كامل عن الزواج المختلط في مصر.
معظم الأفلام المشاركة في المسابقة تحمل تواقيع مخرجين شباب، كما يلفت المنظمون. وإلى جانب المسابقات الرسمية، سيتضمن المهرجان تظاهرة بعنوان «إضاءات على الشرق الأوسط»، وأخرى مخصصة لـ “المخرجات العربيات”، وثالثة لـ «أفلام مجلس التعاون الخليجي» تعرض 13 فيلماً طويلاً وقصيراً، بينها أول شريط روائي خليجي هو «بس يا بحر» للكويتي خالد الصديق (1972). وأخيراً، يحتفل المهرجان بمرور قرن على ولادة السينما العربية.
فيلم الافتتاح كان «تعويض» Atonement للمخرج جو رايت الذي عُرض للمرة الأولى في «مهرجان البندقية» الأخير ويتناول قصة فتاة تغيّر مجرى حياة أشخاص عديدين عندما تتهم حبيب شقيقتها بجريمة قتل لم يرتكبها. ويُختتم المهرجان بـ«في وادي الإله» للمخرج بول هاغيس، ويتناول قصة محارب سابق يبدأ مع زوجته رحلة البحث عن ابنهما الجندي الذي اختفى بعد عودته من العراق. وصرّح محمد خلف المزروعي المدير العام لـ«هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث» بأن أبو ظبي تسعى منذ فترة إلى تحويل قسم من عائداتها النفطية إلى مشاريع ثقافية. وأعلن إطلاق «الأكاديمية العالمية للفيلم في أبو ظبي» بالتعاون مع أكاديمية نيويورك للسينما. كما كشف عن افتتاح «مركز أبو ظبي لصناعة الفيلم» الذي يهدف إلى تشجيع «صناع الفيلم المحليين ويفتح أمامهم إمكان تسويق أفلامهم عالمياً».


بينما بدأ في الإمارات عرض فيلم «المملكة» الذي يتناول قصة تحقيق يجريه فريق من «مكتب التحقيقات الفيدرالي» في السعودية حول عملية تفجير استهدفت أميركيين، منع عرض هذا الفيلم في البحرين والكويت لأسباب عديدة أهمّها أنّه تصوير غير حقيقي للواقع