محمد عبد الرحمن
من زمن طويل لم تطلق صالات القاهرة سبعة أفلام دفعة واحدة. لعلّ انتعاش حركة الإقبال خلال الصيف الماضي، أعاد بعض التفاؤل إلى المنتجين. جمهور عيد الفطر على موعد مع الرعب والإثارة والمغامرات... والموسم الذي يبدأ هذه الأيام، لم يعد الأضعف بين محطّات السنة، ولا حقل تجارب، أو مسرحاً للاستعراضات الخفيفة

على رغم أن عرض سبعة أفلام دفعة واحدة في عيد الفطر كان أمراً مستبعداً قبل عام فقط، لم يتوقف المهتمّون بصناعة السينما المصرية كثيراً عند الرقم الذي فرض نفسه هذا الموسم على الموزعين وشاشات العرض... إذ أدرك هؤلاء أن المتغيّرات الإيجابية في سوق هوليوود العرب، بعد صيف سينمائي ملتهبّ، لا بدّ أن تترجم على أرض الواقع عبر طفرة في الإنتاج. ويكفي أن نعرف أن عدد الأفلام التي رشحت للعرض في العيد وصل إلى 11، قبل أن يتفق المنتجون على القائمة النهائية التي تضم في معظمها، أفلاماً لم تجد لها مكاناً في الصيف.
طيلة السنوات السابقة، كان عيد الفطر يعدّ الأضعف بين مواسم العرض السينمائي، فهو قصير بطبيعته لأن الدراسة تبدأ بعد العيد مباشرة. وبالتالي، لن تسمح الإجازة بجني الكثير من الأرباح. لذا، جرت العادة على ألا يزيد عدد الأفلام على خمسة، يعرف الموزعون والنقاد جيداً أن ثلاثة منها على أقصى تقدير ستجذب الجمهور. ولهذا أيضاً، ظلّ موسم الفطر بعيداً من النجوم، ومخصصاً لتجارب الأبطال الجدد أو المطربين الذين يراهنون على أفلام الترفيه، خصوصاً إذا تضمنت أغنيات طرحها المطرب في ألبوم تزامن صدوره مع عرض الفيلم.
لكن بشائر التغيير لاحت هذا الموسم، فالأفلام المطروحة تحمل عناصر قوة، تجعلها تطمح إلى تحقيق مركز متقدم في شباك التذاكر. أضف إلى ذلك أنها (أي الأفلام) تضمّ نجوماً اعتادوا المنافسة في الصيف ولم يحالفهم الحظ خلال الموسم المنصرم. والأهم من كل ذلك، التنوع الكبير الذي تشهده مضامين الأفلام السبعة، بعدما كان العيد مخصصاً للأفلام الكوميدية الغنائية فقط.
يبدأ هذا التنوّع مع فيلم إثارة ورعب هو «أحلام حقيقية»، آخر الأعمال التي صورتها حنان ترك للسينما قبل الحجاب. عانى الشريط كثيراً حتى وصل إلى الجمهور: طبيعة القصة ومعوّقات أخرى، جعلت التصوير يستمرّ لأكثر من عامين، نتيجة حرص المخرج محمد جمعة على تقديم صورة مختلفة إلى جمهور السينما، في أول أفلامه بعد سلسلة ناجحة من الكليبات. علماً بأن جمعة هو من اكتشف مؤلّف القصة محمد دياب الذي كان يعمل موظفاً في أحد المصارف، ويكتب أفكار أفلام من دون أن يدرك مدى قابلية تنفيذها. وبمجرّد التعاقد على «أحلام حقيقية»، ترك وظيفته وتفرّغ للسينما.
هي قصة سيدة متزوجة تحلم بأشياء مخيفة، ثم تُفاجأ بأنها تتحقق في الواقع. ويرفض دياب اعتبار الفيلم مجرّد شريط رعب، إذ يناقش أفكاراً اجتماعية ونفسية مهمة. يشارك في البطولة كلّ من خالد صالح وفتحي عبد الوهاب وداليا البحيري، وتقدّم يارا أغنية الفيلم.
ومن الإثارة إلى المغامرات مع فيلم «الشياطين». في هذا العمل، يحاول المؤلف والمخرج أحمد أبو زيد تقديم شريط مصري يتمتّع بمستوى أفلام المغامرات الهوليوودية. الفكرة عن سلسلة الكتب الشهيرة «الشياطين الـ 13» لمحمود سالم، وتقترب من أفلام «مهمة مستحيلة». أما البطولة فلشريف منير وباسل خياط وجومانة مراد (من سوريا) ودوللي شاهين (من لبنان). يعود مدرب كاراتيه إلى دائرة الخطر بعد أن يطلب منه ضابط المخابرات أن يلمّ شمل فريقه من جديد، لتنفيذ مهمة خاصة جداً.
فيلم آخر لا يعتمد على الكوميديا وحدها: «الأوّلة في الغرام» الذي يعود به السيناريست المخضرم وحيد حامد، مع المخرج محمد علي والنجوم هاني سلامة ومنة شلبي ودرة التونسية. هي قصة شاب فاسد، تطارده الديون ويتخلي عنه عمّه المليونير، وهو ما يضطرّه إلى الهرب والتخفي في رحلة شيّقة، يكشف خلالها حامد، كعادته، الكثير من متغيرات المجتمع المصري.
مصطفى قمر الذي حارب طويلاً حتى يطلّ في موسم الصيف، أجبر بدوره على الانتظار مع «عصابة الدكتور عمر» حتى العيد. الفيلم لزينب عزيز وعلي إدريس، وقد قدم معهما قمر أنجح أفلامه «حريم كريم». ويضم ياسمين عبد العزيز وإدوارد وخالد سرحان، وجميعهم شاركوا في «حريم». تدور الأحداث حول طبيب نفسي، يعالج مرضاه عبر أسلوب الصدمة: فمن يخاف من النيران، يعمل الدكتور عمر على حرق شقته حتى يواجه الأزمة، ومن يخش الأدوار العليا، يصعد معه حتى الطابق الثاني عشر ليجبره على كسر حاجز الخوف... حتى يصادف فتاة جميلة، مريضة بداء السرقة، فيقع في غرامها خلال رحلة علاج، تشهد الكثير من المواقف المضحكة.
إلا أنّ قمر ليس المطرب الوحيد الذي يطل في الفطر: هناك حمادة هلال مع ثالث أفلامه «الحب كدة». والقصة مقتبسة من أفلام عدة: فتى يتعلّق بأرملة، تضطر للسفر، فتترك طفليها مع الشاب الذي يذوق الويل خلال رعايتهما.
ومن ضحايا الصيف أيضاً هاني رمزي ومعه مغنيات الـ«فوركاتس» اللواتي يظهرن بشخصياتهن الحقيقية في «أسد وأربع قطط». وهو الاسم الثاني للفيلم بعد اعتراض الشرطة على عنوانه الأول «ضابط وأربع قطط»... يكلف الضابط شبل ضرغام بمهمة حراسة الـ «فوركاتس»، من تهديد يطال حفلتهن القاهرية. لكن جريمة قتل تقع في الكواليس، فيتهم الضابط ظلماً، ليهرب مع الـ «فوركاتس» لكونهن «الشاهد الوحيد» على براءته، ويذهب بهن إلى منطقة «إمبابة» الشعبية، لتبدأ سلسلة من المفارقات المتوقعة. الفيلم من إخراج سامح عبد العزيز وبطولة حسن حسني ولطفي لبيب ومحمد كريم. وشارك في تأليفه للمرة الأولى ثلاثة كتاب هم سامح سر الختم ومحمد نبوي ووليد سيف.
وأخيراً، يطل الممثل أحمد عيد في فيلم جديد بعد نجاح أولى بطولاته المطلقة «أنا مش معاهم». لكنه يعود مؤلفاً مع «خليك في حالك» الذي يعتمد على فريق كبير يضم نانا وساندي وراندا البحيري، مع إدوارد وسليمان عيد وعمرو مهدي. يتحدث العمل، وهو الأول للمخرج أيمن مكرم، عن شاب يعيش حياته بسلبية لكنه يضطر إلى المواجهة عندما يتورط في جريمة قتل.
وأبرز الأفلام التي خرجت من سباق العيد: «هي فوضي» ليوسف شاهين الذي تأجل حتى كانون الأول (ديسمبر) المقبل. هناك أيضاً «الماجيك»، ويضم مجموعة من ممثلي فيلم «أوقات فراغ». كذلك تأجل عرض «خليج نعمة» لغادة عادل وباسم ياخور، فيما لم يحدد بعد موعد عرض «طباخ الرئيس» بعد المرض العضال الذي أصاب البطل طلعت زكريا، وهو لا يزال في غيبوبة منذ ثلاثة أسابيع.