لم تنجُ رنا بشارة من غضب بعض المجموعات الصهيونية في فرنسا، بسبب معرضها الأخير «تحية لفلسطين». فقد تلقت بلدية Arceuil (ضواحي باريس) التي رعت معرض الفنانة، احتجاجات غاضبة، تبعها تحريض أبله في الصحافة الإسرائيلية مفاده «أن قريبة عزمي بشارة المتهم بالخيانة، تقيم معارض تحريضية على دولة إسرائيل في فرنسا». في معرضها، قدّمت رنا 59 صورة فوتوغرافية، أي بعدد سنيّ الاحتلال، مطبوعةً بالشوكولاته على ألواح زجاجية (طباعة حريرية). «هذا المعرض مستمر، وكل سنة سأضيف صورةً جديدةً»، تقول بشارة.
بين الصور، نرى شهداء أطفالاً، وجنوداً يتصورون مع جثمان شهيد، أو ينكّلون بشبان معصوبي الأيدي والأعين. صور شائعة في الإعلام، جمعتها الفنانة من مواقع الإنترنت. لكنّ طباعتها بالشوكولاته على ألواح زجاجية، وعرضها بهذه الطريقة، يبدوان إعادة إنتاج لها... بما يضاعف عنفها ويكشف طبقات أعمق من قسوتها ويحتج، في المقام الأول، على مرورها «العادي» في الإعلام.
لا يمكن أن تدخل هذا المعرض من دون أن تجرحك الصور (يبدو بالشوكولاته كالدم عندما يجف)، ويهددك الزجاج، إذ يضطر الزائر للمرور بين ألواحه المعلقة بطريقة لا تخلو من خطر كسر أحدها وجرح المتلقي. أما الضوء الأحمر في الأعلى، فيضاعف الشعور بالخطر والرهبة. الأمر هنا هش وجارح إلى أقصى درجة... تماماً مثل الواقع!
ولعل هذا ما أزعج المعترضين على المعرض في فرنسا... فرنا بشارة تقدم فناً في الأساس، ولا تقترض من موضوعها أو تتعكز عليه، بل تضيف إليه، وتبتكر وتتخيل بعافية. أما كراهية الفن الذي يفضح الاحتلال، فليست جديدة. هل ننسى صورة ذلك السفير الإسرائيلي الذي أخذ يحطّم عملاً فنياً، خلال أحد المعارض في السويد قبل سنوات.