strong>بيار أبي صعب
نعتب أحياناً على مارسيل خليفة، لأنّه غائب عن الساحة المحليّة ورمالها المتحرّكة. ولأنّه ناشط في الغرب أكثر منه في العالم العربي، يغنّي في أميركا، ونشتاق إليه في لبنان. ونزداد مع الأيام شوقاً إلى سماع رأيه ومواقفه من الصراع الدائر حالياً في المنطقة...
لكننا ننتبه فجأة إلى أننا ظلمناه. إذ تعيدنا الأحداث إلى مواجهات سابقة وقديمة، كدنا نفتقدها: مارسيل خليفة ضد اللوبي الصهيوني! هذه آخر معارك «المغني الملتزم» والموسيقي اللبناني اليساري الذي بات يكرّس اهتمامه الأكبر للموسيقى، خلال جولته الحالية في الولايات المتحدة وأميركا الشماليّة. والجولة التي تشمل 25 مدينة، تمتد من 24 أيلول (سبتمبر) إلى 19 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وإذا كان الواقع المحلّي قد ازداد تعقيداً، في لبنان وفلسطين، حتّى لم يعد بوسع أي فنان أن يتعامل معه ببديهيّات يساريّة ووطنيّة وثوريّة سابقة على تموز (يوليو) ٢٠٠٦، فإن الخطاب السياسي الذي تنطوي عليه أغنيات خليفة ما زال راهناً وموجعاً ـــــ على ما يبدو ــــ في أميركا. فمن جهة الجمهور العربي الذي يتخبّط في حنين الثمانينيات وشعاراته، ومن الجهة الأخرى «جالية يهوديّة» سريعة الغضب، يحرص الجميع على عدم «خدش» مشاعرها!
في بيان وزّعه خليفة أمس، ونقلته «الوكالة الفرنسيّة للأنباء»، أعلن الفنان إلغاء حفلته في كاليفورنيا «تحت ضغط اللوبي الإسرائيلي». وتفاصيل الحكاية أن الصالة كانت محجوزة في سان دييغو، منذ ستة أشهر، لحفلة مارسيل هناك، لكن المدير العام بادر إلى فسخ العقد من طرف واحد، تفادياً لخدش مشاعر «الجالية اليهودية».... إلا إذا شارك فنان إسرائيلي في الحفلة.
جولة مارسيل خليفة تعاونت على تنظيمها مؤسسات موسيقية ومهرجانات عالمية عدّة، بينها مهرجان الجاز في مونتريال، وجامعة بيركلي للموسيقى في بوسطن، ومهرجان الموسيقى العالمية في تورونتو، ومركز الفنون الجميلة في ديربرن، وجامعات مختلفة في تكساس ونيويورك وميتشيغن وأربور وسياتل. وأكد خليفة في بيانه أن سبب الحملة عليه، مطالبته في حفلات الجولة التي تتميّز بنسبة حضور أميركي كبيرة، «بحق الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم». وأكّد أن «السياسة لا يمكنها أن تغيب تماماً عن هوامش أي عمل إبداعي». وذكّر الفنان اللبناني بالحملة التي شنّها الإسلاميّون عليه وعلى الشاعر قاسم حدّاد، بعد عملهما المشترك عن «مجنون ليلى» خلال «مهرجان الربيع» الماضي في المنامة... وما زال «التحقيق» مفتوحاً في شأن ذلك العمل الفني وخلفياته ومضمونه، في انتظار المحاكمة!
برافو مارسيل... نحن ننتظرك في لبنان!