فاروق سلوم
رفض سركون بولص مرضه منذ أن أحسّ به. تشمّع الكبد جرّاء نظرة الشاعر إلى الكون: لقد كان يرى كل شيء في وحدة الوجود تشتغل على هدم بنية الشاعر لا تأسيسه. وغالباً ما كان يقول: الكون يستمد جدليته بموت الشاعر .
لقد كان ضيفاً عند صديقه الشاعر مؤيد الراوي في برلين حين ساءت حاله الصحية، فخضع لفحوص عدة أُدخل على إثرها المستشفى. وكان وهو على سرير المرض يحضّر ديوانه الأخير باللغة الإنكليزية «شاحذ السكاكين» (Knives bounder). وقد انتابه فرح عارم حين عرف قبل وفاته بيومين، أنّ أدونيس انتهى من كتابة مقدمة الديوان باللغة الإنكليزية.
وخلال «معرض فرانكفورت للكتاب»، كان سركون يتعافى ويتابع الحياة بمتعة بادية. وكان قد حجز بعد ذلك على الطائرة المتوجهة إلى سان فرانسيسكو في 27 من الشهر الجاري. لكنّه فاجأ الجميع بتداعي حاله الصحية مساء الأحد الماضي، فنُقل على عجل إلى مستشفى «اندكة» وسط برلين. وعند الفجر، أسلم الروح إلى الرب الذي عرف سركون طفلاً واختار طريقه وهو طفل، يحمل حنو الشاعر وبكاء روحه على عالم يتداعى.
واليوم، يقام القداس على روح سركون في الكنيسة الأشورية غرب برلين، حيث سيحضر الشعراء مؤيد الراوي وفاضل العزاوي وخالد المعالي وحسين الموزاني وصموئيل شمعون، الذي وصل من لندن للتو إلى برلين. وسيدفن في مقبرة برلين القديمة بالقرب من صديقه المسرحي العراقي عوني كرومي، فيما لن تتمكّن عائلته المكوّنة من أخته وأخيه اللذين يقيمان في سان فرانسيسكو من حضور الجنازة.
وبعد مناقشات، اختار أصدقاؤه أن يُدفن في برلين... المدينة التي أحبّ.