بيار أبي صعب
أكثر من شاعرة «مفردة» ورسامة شفافة. إنّها علامة خاصة في ثقافتنا المعاصرة. سجلّ حيّ لمرحلة ذهبية نعيش اليوم على أطلالها. في مسيرتها، كما في نصّها، تتواشج الثقافات والأعراق واللغات. إيتل عدنان أسطورة أيضاً. في نتاجها شيء من عبق الستينات المتمرّدة، صدى أهازيج طوطميّة في احتفالات قبيلة من الهنود الحمر، ايقاعات صوفيّة، وجوه استثنائيّة. أصداء حداثة بعيدة... وأحلام بتغيير العالم، واهية وجميلة. ولغة ملوّنة تترقرق من الأعماق. كتبت بلغات أخرى، لكنْ ظلت تربطها بالضاد علاقات سريّة. حول نصوصها تَحلّق مترجمون من سلالة خاصة: من خالد النجار وفايز ملص ومي مظفّر، إلى عابد عازريّة و... سركون بولص.
تحتفي بيروت بإيتل عدنان، في مناسبة صدور «رحلة الى جبل تملباييس» عن دار نشر جديدة Amers Editions (سارة صحناوي). الكتاب يشمل نصّاً قديماً لها (1986)، عرّبته عن الفرنسية أمل ديبو برهافة وأمانة خلاقة، إضافة الى الأصل الانكليزي، و34 لوحة (بمواد مختلفة). وفي مناسبة اطلاق هذا الكتاب الأنيق، غداً في «مسرح المدينة»، يُعرض فيلم عن مسارها المتعدد الأبعاد بعنوان «كلمات في المنفى» للمخرجة اليونانية فوفولا سكورا (السادسة ثم الثامنة مساء).
تكتب إيتل عن ذلك الجبل العتيد الذي يسكنها، علامةً ثابتة في هذا المجرى المتحوّل بين حياة وموت، خلود وزوال. نصّ دقيق ومحكم، يتوحّد فيه السرد والشعر والتأمّل والحكمة الصوفيّة، في قالب بسيط حد الامتناع. تعبُر فيه مرحلة من حياتها، وأطياف أصدقائها (الفنانان الأميركي ريتشارد وآن أوهنلن)، إضافة إلى نيتشه وسيزان وألبن برغ ورامبو وآخرين. وسيمون (فتّال) التي قالت لها ذات صباح، إنها رأت القمر يمشي على رأسها، لكنّها لم تشأ أن توقظها.