حوراء حوماني
انتهت هيصة «باب الحارة»، وبدأت المشاكل تلاحق «الجزء الثالث»، المزمع عرضه في رمضان المقبل... هنا لقاء مع المخرج بسام الملا يشرح فيه أسباب النجاح، يردّ على الانتقادات، ويضيء على رهانات العمل المنتظر

لم تكد الضجّة تهدأ حول «باب الحارة»، حتى أعلن المخرج بسام الملا عن نيته تقديم جزء ثالث من المسلسل. فهل يحقق الصدى المرجو هذه المرّة؟ خصوصاً أن المسلسل الذي تحوّل إلى ظاهرة، رافقته أيضاً انتقادات كثيرة، وسرت في الكواليس أنباء عن خلافات بين المخرج السوري والمنتج هاني العشي.
يرى الملا أن نجاح المسلسل لا يرتكز على المعطيات الفنية فحسب، بل يتعدّاها إلى معطيات اجتماعية وسياسية تتعلق بتوقيت العرض، والمزاج الشعبي العام في هذه الفترة. ويضيف موضحاً: «الجمهور رأى في «باب الحارة» تجسيداً لقيم أصيلة، ما زالت تجد صدى لديه، ويبدو أنها لامست وجدانه ببساطة وصدق». هكذا يرى أن المجتمع العربي أثبت أنه معنيّ جداً بالقيم التي كرّسها المسلسل، «إذ جاء عرضه في لحظة، يشعر فيها هذا المواطن بأن هويته مهددة، وقيَمه محاصرة ومعرضة للإلغاء، إما بفعل الاحتلال أو التدخل الأجنبي، أو بفعل الخلافات السياسية والاقتتالات الداخلية». ويرجح أن المشاهد وجد في «الحارة» رداً إيجابياً على واقعه المأزوم، «حتى لو كان هذا الرد من خلال دراما شعبية بسيطة، تلامس وجدانه بلا تكلّف أو مقولات كبيرة».
ضجة المسلسل قوبلت بسيل هائل من الانتقادات، بسبب الصورة السلبية التي يقدمها عن المرأة من جهة، وصورة أهالي الحارة المتقوقعين على أنفسهم من جهة ثانية. يردّ: «من وجّه هذه الانتقادات لا يعرف الكثير عن مدينة دمشق التي يصوّر العمل بيئتها في ثلاثينيات القرن الماضي. الشام كانت في تلك الفترة ذات بنية بيئية صارمة، لها قوانين لا تخرق. لا يكفي أن نستعيد بعض الأسماء النسائية المتنورة في تلك الفترة، كي نثبت أن المرأة الدمشقية كانت متحررة تماماً. هناك استثناءات تاريخية، لكن الدراما الشعبية لا تتطرق إلى الاستثناءات، بل إلى الشريحة الأوسع، وهي القاعدة. وأعمال الأديبة الدمشقية ألفت الإدلبي تشهد على ذلك، وأنا لم أشوّه شيئاً. أما بالنسبة إلى مسألة الانغلاق، فأنا صوّرت واقع الحارات داخل السور التاريخي لدمشق. وفي هذه المناطق، كان الناس لا يقبلون الغريب بسهولة. لكن الشام كانت تفسح مجالاً للانفتاح على الغرباء والوافدين في مناطق أخرى. وقد نشأت تجمّعات سكنية لهؤلاء الوافدين، اندمجت في ما بعد في المدينة، وصارت جزءاً منها».
وينفي بسام الملا أن يكون الجزء الثاني قد لجأ إلى الأحداث الدرامية المفتعلة، بخلاف الجزء الاول الذي كان أكثر تماسكاً وإقناعاً. كذلك يشير إلى أنها المرة الأولى في الدراما العربية التي يتم فيها إنجاز جزءين وتصويرهما في وقت واحد، من دون أي فاصل زمني. ويوضح: «كان الاهتمام بالجزءين على القدر نفسه، من ناحية دراسة الدراما والإخلاص للتفاصيل».
لكن ألا يجد مخاطرة في تقديم جزء ثالث، سيكون منتجه ومخرجه في آن؟ «هو رهان مستمر على إحياء التراث السوري». غير أنه يتحفظ على إعطاء معلومات عن تفاصيل العمل المقبل، لأنه يتبع منطق «الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان»، مشيراً إلى أن عرض الجزء الثالث سيقتصر على MBC التي اشترت حقوق عرضه الفضائي حصرياً، إضافة إلى التلفزيون السوري.
وماذا إذاً عن خلافه مع المنتج هاني العشي الذي قدم معه الجزءين الأولين؟ يقول: «هاني العشي، منتجٌ صاحب رأس مال، ليس الكاتب ولا المخرج. لذا، آسف لأنه حوّل رفضي العمل معه إلى هجوم عليّ... قال إن «أم بي سي» عرضت عليه إنتاج الجزء الثالث، فرفض لأن العمل استوفى أغراضه، فيما توجهت الشركة السعودية إليّ أنا فقط».
وبعيداً من الخلافات، يقول الملا إنه بصدد الإعداد للعديد من الأعمال قيد الكتابة، مخصصاً الأهمية القصوى للجزء الثالث من «باب الحارة». ويرى أنه لا يمكن الاستغناء عن الدراما السورية، مشيداً بمبادرة الرئيس الأسد التي تبنت الاعمال غير المسوقة، «الأمر الذي يجب أن يحفز الفنانين على تقديم الأفضل».
وعن رأيه بالأعمال التي قدمت في رمضان الماضي، خصوصاً تلك التي تشبه «باب الحارة»، يجيب الملا: «النجاح الجماهيري هو أصدق معايير النجاح. شخصياً أُعجبت بمسلسل «الملك فاروق» للمخرج حاتم علي، ومسلسل «الاجتياح» للمخرج شوقي الماجري، وبعض الإبداعات الشابة».
تجدر الإشارة أخيراً إلى أن الكاتب مروان قاووق قد انتهى من كتابة الحلقة الخامسة من الجزء الجديد. وفيه، يفرد محاور أكثر تعنى بقضية المقاومة، مع تقليص أدوار بعض الشخصيات، بحسب الضرورات الدرامية، على أن يبدأ التصوير بداية العام الجديد.