خالد صاغية
تتكرّر الدعوات، من مصادر متعدّدة، كي تعمد بكركي إلى تسليم القوى السياسية الفاعلة لائحة أسماء بمرشّحين مقبولين لرئاسة الجمهورية، فتختار هذه القوى من بينها الاسم المحظوظ الذي سيتربّع على كرسيّ الرئاسة الأولى. وغالباً ما توضع هذه الدعوات في خانة الحرص على المسيحيّين، وردّ تهمة العمل على تهميشهم. فينتشي مثلاً نوّاب تيّار المستقبل المسيحيّون لدى تسويقهم لإقحام البطريرك في تسمية المرشّحين، كما لو أنّهم يكفّرون عن ذنب ما اقترفوه لدى انتمائهم إلى الكتلة «المستقبليّة».
لكنّ دعوات كهذه، في ظلّ الواقع الطائفي القائم، تبدو مضحكة حقاً. فهي لا يمكن أن تعني أساساً إلا أمراً واحداً: بما أنّ المسيحيّين لدى اقتراعهم، قد قاموا بخيارات سياسيّة لا تناسب مصلحة الطرف المهيمن على الحياة السياسية (الأكثرية النيابية بقيادة تيار المستقبل)، ينبغي ردّهم، أي المسيحيّين، إلى ما دون السياسة. إنّه عقاب لمن لم «يحسن» استخدام حقّه الديموقراطي، بأن يُسلَّم أمره إلى مرجعيّات غير منتخَبة ديموقراطيّاً، كي تتولّى تمثيله.
هكذا تُمتدَح «حكمة» البطريرك و«مرجعيّة بكركي الوطنيّة»، لا حبّاً بالبطريرك ولا إيماناً بدور بكركي، بل تطبيقاً لتوجّه مفاده أنّ «تيّار المستقبل» حريص فعلاً على مشاركة المسيحيّين في الحياة السياسيّة، لكنّها مشاركة مشروطة بألا تأتي من خصومه.
طبعاً، لا يعني هذا الكلام أنّ العماد ميشال عون يملك حق تقديم نفسه مرشّحاً أوحد. لكنّ لهذا حديثاً آخر.