بعيداً عن القتل والتفجيرات والاحتلال والأزمة الطائفية، يجد هواة الطيور البغداديون في سوق الغزل الشهير في قلب العاصمة ملاذاً لهم ومقصداً للراغبين باقتناء ببغاء يملأ أوقات فراغهم. ويقبل العشرات من هواة الطيور في يوم الجمعة إلى سوق الغزل حيث يجدون أفضل أنواع طيور الببغاء في العالم القادمة من أميركا الجنوبية وإفريقيا والتي تصل عن طريق التهريب. ورغم أسعارها المرتفعة يفضّل بعض العراقيين صرف أموالهم على «رفيق» يأنسون لصحبته في أوقات فراغهم التي أصبحت تحتل الجزء الأكبر من يومياتهم.يقول فؤاد الذي تخرج من الجامعة قبل ثلاث سنوات، «بسبب الأوضاع الأمنية التي يمرّ بها العراق فضلت التزام المنزل وعدم البحث عن وظيفة، ففكرت بأن أربي طيراً له مميزات خاصة تجعلني أقضي وقتي معه».
ويقع سوق الغزل في شارع الجمهورية، أحد أهم الشوارع التجارية في بغداد الذي يعود تأسيسه الى مطلع الستينيات بعدما تحول من سوق للغزل والنسيج إلى سوق لبيع الحيوانات.
ويوضح عامر كاسكو وهو نجل أقدم تاجر للطيور في السوق، والذي اطلق عليه هذه الاسم بسبب شهرته ببيع ببغاوات الكاسكو البرازيلية إن «تجاراً لبنانيين يقومون بتهريب هذه الطيور بطرق مختلفة وإيصالها إلى لبنان ومن ثم إلى سوريا وتهرب بالنهاية إلى العراق بواسطة مهربين عراقيين».
ويضيف «في السابق كانت تجارة هذه الطيور عملية رسمية تمر عبر قنوات حكومية، لكن بعد انتشار مرض انفلونزا الطيور صار من الصعب التعامل بها وأصبحت ممنوعة من التداول». ولا توجد في العراق قوانين تنظم الاتجار بالطيور.
ويتجه العراقيون الى تربية الحيوانات والطيور، خصوصاً النادرة منها مثل الببغاء، لقضاء الوقت.
ويؤكد كاسكو الذي ورث خبرة تربية الببغاء عن والده، إن «سعر الببغاء يصل إلى أكثر من ألفي دولار، وكل حسب قابليته للنطق» مشيراً إلى أن «هناك ببغاوات تنطق أربعين كلمة وقد تصل قدرتها على النطق الى اكثر من خمسمئة كلمة».
ويؤكد كاسكو أن أحوال تجارة الطيور في ظل النظام السابق كانت افضل بكثير «فقد كانت تأتي وفود من كل بلدان العالم، وخصوصاً من دول الخليج العربية وإيران وروسيا، لشراء الطيور من سوق الغزل، أما اليوم فنحن نعتمد فقط على السكان المحليين الذين يجدون متعة في تربية هذه الطيور في منازلهم لعدم قدرتهم على الخروج بسبب الاوضاع الامنية». وأشار كاسكو إلى أنه «في عهد النظام السابق كان الكثير من المسؤولين في الدولة يقبلون على شراء هذه الحيوانات، وقد جاءني يوماً مسؤول حكومي وقال لي أريد ببغاء يتعلم بسرعة جملة للرئيس العراقي صدام حسين»،
فقام بتدريبه خلال ثلاثة أيام على حفظ أغنية «غالي صدام غالي» وقام هذا المسؤول بتقديم الببغاء هدية الى الرئيس صدام بمناسبة عيد ميلاده. ويؤكد كاسكو أن لديه الآن ببغاء يهتف «اميركا عدوتي، ليسقط بوش».
وكان سوق الغزل الذي يفتح ابوابه يوم الجمعة فقط قد تعرّض لثلاثة تفجيرات متزامنة قبل نحو سبعة أشهر أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات.
(أ ف ب)