رنا حايك
... وجاء أخيراً من «يحطّ بحصة» لـ Facebook!
اكتشف مستخدمو الإنترنت في لبنان منذ فترة النسخة التي تسخر من أكثر المواقع شعبية في العالم، وهي تسمى «هيتبوك» www.hatebook.org موقع يحاكي نقيضه «فايسبوك» بسخرية، فيقدمه منشئوه الألمان على أنه «خدمة معادية للمجتمع تصلك بالأشخاص الذين تكرههم». يدعوك الموقع الذي يطغى عليه اللون الأحمر، رمز الشرّ، إلى «كره كل شيء بالتساوي»، وإلى «الكره مجاناً»، بينما يغريك لتسجيل دخولك إلى «مملكة الشر» حيث باستطاعتك أن «تسيطر على العالم» من خلال إدراج إضافاتك في أبواب النميمة والمواد الابتزازية، لتجميع أعلى نقاط الكره. فأصبح للذين «يعشقون الكراهية» موقع يصلهم بالـ«الكارهين من حول العالم».
يعمل الموقع بالطريقة ذاتها التي يعمل بها «فايسبوك». تتشابه الأبواب والخدمات التي يحويها، لكنها تكتسب هنا معاني سلبية وأسماء ساخرة تتمحور حول معاداة المجتمع. إلا أن الجهة التي أنشأت الموقع، معهد «العلامة التجارية العلمية»، وهو معهد ألماني متخصص في البحوث عن العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك، أضافت عليه بعض الخدمات من مواقع أخرى كـ«غوغل مابس» Google maps، أو استحدثت خدمات جديدة مثل إظهار هوية آخر الأعضاء الذين زاروا حسابات الأعضاء الباقين. يتدنى مستوى الخصوصية في هايتبوك، فيستطيع أي مستخدم الاطلاع على الرسائل العادية التي يعدّها الموقع «المهملات» الخاصة بمستخدم آخر.
وكان هذا النوع من المواقع اللااجتماعية والساخرة قد بدأ بالظهور منذ عام 2006، وكموقع «الانعزالي» Isolatr.com الذي يتيح للمستخدم معرفة أين لا يوجد الناس، وفيه يدرج المشترك لائحة «المتوفَّين بالنسبة إليه». حتى فايسبوك أصابته حمى اللااجتماعية التي تناقض شخصيته، فابتدع الإنيميبوك Ennemibookapp. يتجه العالم المعولم اليوم إلى تشجيع الانفتاح نحو الآخر، وتصيب معظم الناس هستيريا إنشاء العلاقات العامة وتوسيع دائرة الأصدقاء والمعارف، في حين تفرض المرحلة ذاتها مبادئ الشخصانية والتمركز الذاتي. في هذه الأجواء من شيوع المذاهب ونقيضها، يبدو وجود مواقع بهذا التناقض طبيعياً. ففي هايتبوك، ستفاجأ بعد تسجيل عضويتك بدقائق بكمية «الأعداء» والأعضاء الذين يكرهونك، دون أن يكونوا قد تعرّفوا إليك بعد، فهذا العالم على حد قول «الشيطان»، وهو أحد الأعضاء في الموقع، «تافه»، وجميع من فيه «يعشقون الكره». خلال تسجيل عضويتك في الموقع، ستختار صفاتك من ضمن لائحة من الخيارات. هل أنت: فاشل أم متلاعب أم كاره أم تافه؟
أما عن مهنتك، فلك أن تختار بين أن تكون ربة منزل يائسة (على اسم أحد أشهر المسلسلات الكوميدية الشعبية حالياً)، أو حاكم العالم، أو باريس هيلتون، أو تاجر مخدرات، أو مدمناً على العمل، أو شخصاً تحوّله لهفته إلى عبد لها.
وفي الخانة المخصصة لوصف شخصيتك، سوف تدرج الأشياء التي تكرهها: الأفلام السينمائية المقرفة، البرامج التلفزيونية المزعجة، الاقتباسات والموسيقى وأنواع الطعام والكتب والعلامات التجارية التي تكرهها، والموهبة التي تجعلك مميزاً عن الآخرين «الحمقى» من حولك.
قال الرسام أوجين دولاكروا إن «الإنسان حيوان اجتماعي يكره أمثاله»، منذ القرن الثامن عشر. هل كان يدرك كيف سيجسّد العالم الافتراضي مقولته هذه بعد مرور أربعة قرون عليها؟