strong> ياسين عدنان
أصدر المدير العام للإذاعة الوطنية الجزائرية عز الدين ميهوبي أخيراً أمراً بمنع بثّ أغاني الفنان رضا الطلياني على كل المحطات الإذاعية الوطنية والمحلية. أما التهمة فهي إقرار مغني الراي الشاب بـ «مغربية الصحراء الغربية»، أمام مئة ألف متفرج مغربي في حفلة اختتام مهرجان «كازا ميوزيك» في الدار البيضاء. محنة «الطلياني» ليست سوى تتويج لحرب باردة خفية تحاول الزج بالفنان في معارك لا تعنيه.
وتفادياً لمثل هذه المشاكل، لم تلتحق الفنانة الجزائرية فلّة بزميليها لطفي بوشناق ووائل جسار لإحياء سهرات مهرجان «روافد أزوان» الذي احتضنته العيون في تموز (يوليو) الماضي. أما مبرر رفضها فيعود إلى أن المهرجان تحتضنه مدينةٌ رأتها فلة «منطقة نزاع بين السلطات المغربية والجزائرية». وعوض أن تصحح الصحافة الجزائرية لفلّة معلوماتها غير الدقيقة، وتشرح لها أن جبهة البوليساريو الانفصالية هي من يطالب بالعيون عاصمة «للجمهورية» التي ترغب في إنشائها في الصحراء، لا الجزائر... فإن وسائل الإعلام آثرت الاحتفاء بموقف فلة «الوطني». هذا الاحتفاء المبالغ فيـه جــــاء بالأســــاس ليضيّق الخناق على رضا الطلياني. فما هي «جريمة» صاحب «جوزيفين» بالضبط؟
في اختتام مهرجان «كازا ميوزيك»، صعد رضا إلى الخشبة متلفعاً بالعلم المغربي. هذا المشهد ليس جديداً، فحتى خالد ومامي اعتادا التحافه في حفلاتهم الكبرى في المغرب. رضا إذن لم يكن استثناء. لكن، هذه المرة حصل ما لم يكن متوقعاً. يقول رضا: «مباشرة بعد صعودي إلى الخشبة، بدأ الجمهور يهتف: الصحراء مغربية... كنت أظن أنهم يتكلمون على صحرائهم. فما أدراني؟ أنا مغنّ ولست سياسياً. ما أعلمه هو أن هناك خلافاً حول البوليساريو، لكن لم أكن أعلم أنهم يسمّونها الصحراء المغربية. وأمام ضغط مئة ألف متفرج كنت مجبراً على التفاعل مع الجمهور، فقلت لهم: في خاطر الصحراء المغربية».
هذا التجاوب التلقائي للفنان مع جمهوره، وضع رضا وسط دائرة ضوء حارق: بعض الصحف المغربية رأت موقفه تلخيصاً لشعور عام لدى الشعب الجزائري، يعترف بمغربية الصحراء. أما الصحافة الجزائرية، فهاجمت مواطنها وخلصت إلى أن جهات مغربية استغلّت جهله بالموضوع وورطته. والفنان الممنوع في إذاعات بلاده هذه الأيام، بدأ يلقي التصريحات المرتبكة هنا وهناك، ليدفع عن نفسه «تهماً» لم تخطر على باله قط. ومرة أخرى، لم يفكر أحد في أن الأمر ليس أكثر من تجاوب من دون خلفيات لفنان شاب مع جمهوره. فجمهور رضا الطلياني في المغرب هو أضعاف جمهوره الجزائري، كذلك شعبية أغنية الراي لدى المغاربة تفوق شعبيتها في الجزائر. في المقابل، نجد أن جمهور الفنانين المغربيين عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط في الجزائر، أعرض بكثير من جمهورهما المغربي. إنها علاقة خاصة تشدّ الشعبين الشقيقين إلى بعضهما بواسطة الفن. فقط لو يصطاد السياسيون والإعلام التابع لهم في مياه أخرى. فالزجّ بالفنانين في معارك السياسيين لن يخدم الفن ولا السياسة، ولن يحلّ مشاكل المنطقة.