خالد صاغية
ثمّة من لم يكتفِ بتدمير مخيّم الفلسطينيين في نهر البارد، بل يريد أن يقنع الفلسطينيين بأنّه كان يؤدّي لهم خدمة حين دمّر لهم المخيّم. فيجري الحديث عن معركة اللبنانيين والفلسطينيين ضدّ عدو واحد هو الإرهاب.
وإزاء مشاعر الأخوّة الجيّاشة هذه، لا يملك المرء إلا ذرف الدموع تأثّراً. فالكلام يبدو للوهلة الأولى تضامنيّاً، ونابذاً للمشاعر العدائيّة تجاه الفلسطينيّين. لكن، في غمرة العواطف هذه، يتساءل المرء عما إذا كان هذا الكلام يحمل في طيّاته أبشع أشكال العنصرية.
فلنتخيّل مثلاً السيناريو الآتي: يتمكّن مقاتلو فتح الإسلام الفارّون من مخيّم نهر البارد من الاختباء لدى بعض الأصدقاء في مدينة لبنانية ما، حيث يعملون سرّاً على تجديد الصلة بتنظيم «القاعدة». تتوسّع المجموعة، وتبدأ القيام بتفجيرات واغتيالات. تتمكّن الأجهزة الأمنية من اكتشاف أماكن وجودها. يضرب الجيش اللبناني طوقاً حول المدينة التي يستمرّ حصارها ثلاثة أشهر، وتُدمَّر تدميراً كاملاً. يتمّ إجلاء أهل المدينة نحو مناطق أخرى حيث يعانون نقصاً في المواد الغذائية، ويسقط خطأً عدد منهم بين قتيـل وجريح. ومع انتهاء المواجهات، يخرج من يقول إنّ الأهالي انتصروا في معركتهــــم، فيعدّون الوفود لشكر الأيادي التي أمرت بتدمير منازلهم.
لسبب ما، لا يبدو هذا السيناريو واقعيّاً. ومع ذلك، على الفلسطينيين أن يشكروا الأيادي التي شرّدتهم. أمّا الحكومة اللبنانية، فلا يعنيها من الأمر إلا استخدام حجّة إعادة الإعمار، للعودة إلى ممارسة مهنة التسوّل.