صباح أيوب
بدأت الحرب الكونية... وبوادرها استخبارية إلكترونية هذه المرّة، إذ دخلت أخيراً الولايات المتحدة الأميركية والصين وبريطانيا حرباً من نوع آخر تقضي باختراق الأنظمة الرقمية لكل بلد، وخاصة أنظمة الدوائر الاستخبارية لكل بلد. بعد أحداث 11 أيلول جنّدت الوكالات الاستخبارية الأميركية كل طاقاتها لمراقبة خطوط الهواتف الخلوية وبعض المواقع الإلكترونية وقد أقرّت الإدارة الأميركية قانوناً يسمح بمراقبة كلّ مقال صحافي يتناول الرئيس بوش أو الولايات المتحدة الأميركية أو أي مسؤول في الإدارة الأميركية في الصحف والمواقع الإعلامية الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وبعدما اخترعت وكالة الاستخبارات الأميركية ما سمّته «إنتيلليبيديا» Intellipedia، وهو شبيه بالموسوعة الإلكترونية الشهيرة «ويكيبيديا»، ويحتوي على المعلومات التي تجمعها مختلف مكاتب الاستخبارات في الولايات المتحدة فتشكّل ما يماثل مكتبة كبرى أو موسوعة إلكترونية من نوع خاص تضمّ ملفات خاصة وسرية للوكالة، تتجه الإدارة الأميركية اليوم الى «ابتكار» آخر يواكب التطور الذي شهدته شبكة الإنترنت أخيراً مع بروز مواقع مثل «ماي سبيس» My Space و«يو تيوب» YouTube و«فيس بوك» Facebook... إذ أعلنت وكالة الاستخبارات الأميركية أخيراً إطلاقها، في كانون الأول المقبل، خدمة جديدة وسرّية خاصة بالعمل الاستخباري تحت اسم Space ـــــ A (أي Space ـــــ Analyst) وهي شبيهة بـMy Space ولكنها غير مفتوحة للجمهور، بل يقتصر روّادها على العملاء الاستخباريين التابعين لوكالة الاستخبارات الأميركية والمنتشرين في جميع أنحاء العالم. وعلى طريقة My Space سيتمكّن العملاء من تبادل المعلومات التي يمدّون الوكالة بها على الموقع، فمثلاً سيكون بإمكان العميل الموجود في الصومال، مثلاً، أن يرى ويعلّق على المعلومات التي يوردها العميل الآخر في إفريقيا الجنوبية. وستتشارك أكثر من 16 وكالة استخبارات أميركية المعلومات على الموقع. «هكذا ستتمكن الإدارة الأميركية من مراقبة كل جديد في كوريا الشمالية والعراق والصين في آن معاً»، يشرح أحد المسؤولين الاستخباريين لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. ويوضح أنّ وكالات الاستخبارات تعي تماماً اليوم «أهمية استغلال المواقع الإلكترونية حيث بإمكان الأفراد تبادل الصور والمعلومات الشخصية»، لذا تستمدّ الوكالات بعض معلوماتها منها وتوردها على موقعها الخاص السرّي حيث بإمكان جميع أعضاء الوكالة الاطلاع عليها.
من جهة ثانية، يبدي بعض المسؤولين السابقين بعض الخشية والحذر من اتباع الوكالات الاستخبارية هذا النوع من المواقع، وذلك لعدّة أسباب، منها احتمال تعرّض تلك المواقع للقرصنة أو حتى احتمال إيراد معلومات خاطئة عن بعض القضايا أو الأشخاص، فبنظرهم أساس العمل الاستخباري يقوم على «الخبرة والعمل الفردي الميداني». ويحذّرون أيضاً من «خطر فتح الملفات أمام جميع العملاء، وبالتالي فقدان سرّيتها المطلقة».