ليال حداد
يجلس ميلاد الهاشم (84 عاماً) أمام شاشة حاسوبه المحمول، يضع نظّاراته، وتبدأ يداه المرتجفتان بالطباعة: «أنا الشيخ ميلاد الهاشم، ولدتُ في العاشر من كانون الثاني عام 1923، في منطقة العاقورة...». هو مشهد لا تراه إلا نادراً، فالشيخ الثمانيني قرّر أخيراً أن يكتب مذكّراته على حاسوب محمول «بهدف تخليد تفاصيل حياته المشوّقة والحافلة بالأحداث»، كما يقول. الورقة والقلم لم تعد تناسب الشيخ: «المذكرات المكتوبة على ورق سترمى بعد موتي، أما هذا الحاسوب الذي اشتريته بمالي الخاص فإن أحفادي سيتهافتون علىه، وبالتالي سيكونون مجبرين على قراءة ما كتبته». خطة ذكية من العم ميلاد كي يقرأ كل أفراد عائلته مذكراته.
ولكن كيف لشيخ ثمانيني لا ينتمي إطلاقاً لأجيال الإلكترونيات والكومبيوتر أن يستخدم تلك الآلة اليوم؟ تعلّم الشيخ العمل على الحاسوب في إحدى الدورات التي نظمها أحد المعاهد في مدينة صيدا حيث يسكن. وقد فوجئ الجميع بقدرته الكبيرة على الاستيعاب والتطبيق السريعين. ويفتخر الشيخ بذلك كثيراً ولا يترك مناسبة إلا ويذكر فيها ذلك بكثير من الكبرياء: «الأستاذ قال عني إني أفضل التلاميذ الذين مروا عليه». أما هذا الأستاذ فما هو إلا حفيد ميلاد، الذي صدم لرؤية جده يسجل اسمه للدورة التدريبية: «ما صدقت إنو بهالعمر بيقدر يتعلم بسرعة هيك، أنا للصراحة كنت مفكرو خرفان». يبتسم الحفيد مفتخراً بجده.
أما عائلته فتعتبره مثالاً لما يمكن أن يحققه أي إنسان في عمره. إلا أنّ زوجته وأولاده يشتكون من تمضية الشيخ وقته الكامل أمام الحاسوب الذي أصبح من أولويات حياته على حساب الزيارات الاجتماعية والعائلية.
غير أن نشاط الشيخ لن يقف عند هذا الحد. فالخطوة التالية هي: تعلّم لعبة التبصير على الحاسوب.