إذا كان الرئيس الفرنسي بطل الموسم السياسي بفضل حضوره الإعلامي الطاغي، فإنّه بصدد التحول إلى بطل الموسم الأدبي بفضل ريشة الكاتبة والمؤلفة المسرحية المعروفة ياسمينة رضا التي خصّصت له كتاباً بعنوان «الفجر المساء أو الليل» (دار غاليمار) بعدما لازمته كظله طيلة الحملة الانتخابية الرئاسية. ياسمينة رضا ـــــ وهي من أصل هنغاري تماماً مثل بطلها ـــــ أعربت لساركوزي العام الماضي عن رغبتها في تأليف كتاب عنه. قبِل ساركوزي بلا تردّد لمعرفته بمكانة الكاتبة في المشهد الثقافي الفرنسي ولحاجته إلى شرعية أدبية. هكذا، جمعته بها لقاءات عدة لتسهيل مهمتها، وسمح لها بمحاورة عدد من أفراد عائلته وأصدقائه المقرّبين لتجميع ما تحتاج إليه من مادة خام للكتاب. حتى إنّه سمح لها بمرافقته في تنقّلاته الدولية ولقاء مضيفيه مثل الرئيس الأميركي جورج بوش والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
«الفجر المساء أو الليل» الذي يمزج بلباقة بين اليوميات والسرد المتقطّع والاستشهادات صار الحدث الأساسي للموسم الأدبي، وخاصة بعد لجوء الكاتبة ودار النشر إلى إحاطته بسرية كاملة وامتناعهما عن إرسال نسخ منه إلى الأقسام الثقافية لوسائل الإعلام. وحتى الأسبوع الماضي، لم تحصل الأقسام الثقافية في كُبريات الصحف والمجلات على نسخة من الكتاب. وهذا أمر استثنائي، لأن دور النشر تحرص عادة على إرسال نسخ من كتبها إلى الصحافة الثقافية قبل شهر من توزيعها على المكتبات، لتحظى بتغطية صحافية تمهد لإطلاقها. هذا التشويق المتعمّد، هو بلا شكّ جزء من خطة تسويقية ذكية لتأجيج فضول وسائل الإعلام والقراء معاً. وحسب ياسمينة رضا، فإن ساركوزي لم يرغب في الاطّلاع على الكتاب قبل نزوله إلى المكتبات، وتنقل عنه تأكيده أنّه «لن يشعر بالأذى... حتى لو صوَّرته بشكل سيّء!». هكذا بفضل الآلة الإعلامية، يُرجّح أن تسرق سيرة ساركوزي الأضواء من مئات الروايات، فتكون الشجرة التي تحجب غابة الموسم الأدبي بكاملها.