في ظل اشتداد الخناق على الفضاء العربي بما فيه اللبناني بفعل السطوة المالية الخليجية، تضعف الأصوات المناهضة للعدوان على اليمن لصالح آلة دعائية ضخمة تقودها «العربية» رأس الحربة في «عاصفة الحزم». وعليه، تغيب الحقائق والصور والفيديوات التي تنقل الفظائع والمجازر التي ترتكب بحق الشعب اليمني.
تسيطر القناة السعودية على مفاتيح هذه المصادر، تحوّرها، تفبركها، تعقّمها، وتجعلها «نظيفة» من دماء المدنيين الأبرياء الضحايا، مقابل ضخ إعلامي يستخدم منصات القناة بكل تفرعاتها: «العربية- الحدث» (تبث على مدار الساعة تغطيات وأخباراً حدثية) والقناة الأم «العربية» مع المنصات الإلكترونية التي تعتبر اليوم أداة فاعلة ومؤثرة في الحرب على اليمن وتمارس لعبة التأليب والتزوير. والمعلوم أنّ «العربية ـ الحدث» استحدثت قسماً خاصاً بالسوشال ميديا ينقل على مدار الساعة النشاطات والتفاعل داخله. لكن في العدوان على اليمن، تغيب في هذه المساحة الآراء والوقائع الأخرى، وتتصدر الواجهة الأخبار الملائمة لسياسة المحطة. مثلاً، عُرض أول من أمس فيديو ادّعى أنّ «الحوثيين» قتلوا رجلاً يمنياً وجرحوا 15 آخرين في مدينة «الحديدة» من دون التأكّد منه. في المقابل، لم نر أي إشارة أو عرض لصور من المجزرة التي ارتكبتها القوات السعودية في مخيم اللجوء في «المزرق» بحق أطفال ونساء عزّل.
وأول من أمس، أعلن المدير العام للقناة تركي الدخيل على حسابه على تويتر أن «العربية» باتت تستخدم في إيراد أخبارها ما أسماه «هشتقة الشاشة» بمعنى تصنيف المصطلحات المستخدمة في هذه الحرب لتصبح «هاشتاغ» أو وسماً على الشاشة السعودية، وهذا من شأنه دعم هذا الضخ في الأخبار ونشرها على نحو أوسع على شبكات التواصل كاستخدام وسم :”#عاصفة_الحزم» أو «#سعود_الفيصل» مثلاً للدلالة على مضمون ما قاله وزير الخارجية السعودي. إذاً إحكام تام على المشهدين الفضائي والافتراضي، ومقاربة تروّج للسياسة السعودية إزاء عدوانها على اليمن. ورغم هذا «الحصار»، نشرت القناة أول من أمس صورة ادعّت أنها تعود إلى رتل عسكري للحوثيين في صعدة دمرته «سفن حربية» (لم تحدد هويتها) تابعة لحملة «عاصفة الحزم» في محاولة لإيقاف تقدمها نحو عدن. وسرعان ما تبين أنّ الصورة تعود الى عام 1991 أثناء حرب الخليج الثانية. هذه الفضيحة دوّت على منصات مواقع التواصل، ما أجبر القناة على حذف الخبر عن موقعها. حادثة ذكرتنا طبعاً بسلسلة فضائح طاولت كبريات وسائل الإعلام لا سيما في تغطية الأزمة السورية.