يُجمع المصمّمون على أن فصل الشتاء يفتح شهيّتهم على التصاميم الفاخرة، وذلك لإشاعة أجواء الفخامة. لكن المصمّمَين حنا توما وابنته شيرين، اكتشفا أبعاداً أخرى تتخطىّ حدود البرد، لتلامس الملذات الكامنة في نفس المرأة. «ملذّات الشتاء» عنوان غامض ومثير للمجموعة التي جسّدت كل معاني التراث الأصيل المتزاوج مع الحداثة. الأب المثقل بخبرات متراكمة في عالم الأزياء منذ عشرات السنين، عانق اتجاهات ابنته الجانحة نحو العصرنة، بجميع عناصرها. وها هو العرض يكشف النقاب عن مبدأ البساطة المبتكرة، وفق رؤية متجددّة، كوّنت دعامة أساسية لانعكاس التأثير الواضح لثقافة الموضة الغربية في الشرق. هكذا جاءت التشكيلة الخاصة بخريف وشتاء 2008 لتحاكي آخر خطوط الموضة الراقية، بأسلوب لا يخلو من الالتزام بالكلاسيكية، إذ جمعت بين الأنوثة الرقيقة والرومانسية الخفاقة. وقد تحوّلت خشبة العرض إلى مساحة شاسعة للأثواب المتطايرة والخفيفة، وإطلالة خجولة للقطع المؤلفة من سراويل لمّاعة وسترات مستقيمة.
نظرة أولى على المجموعة، توحي بأنك أمام أزياء صيفية بامتياز. فألوان «الباستيل» الفاتحة طاغية على حساب غيرها. إضافة إلى غياب تام للألوان القاتمة، باستثناء الأسود المقولب على أقمشة خفيفة كـ«الأورغنزا» و«الدانتيل». ولعلّ المصمّمَين أرادا إطلاق فساتين تتناغم مع تطلّعات المرأة نحو التحررّ حتى في فصل الشتاء. لذا، صُنعت بمعظمها من قماش خفيف يتطاير في كل الاتجاهات، أو ينسدل بسلاسة بالغة على الجسم من دون أن يعوق تحركاته.
تجسّد هذا المفهوم بوضوح عبر نوعين من الفساتين: طويلة بأشكال متعددّة حيكت من أقمشة متميّزة بالخفّة مثل «الموسلين»، «الدانتيل»، «الأورغنزا»، «الغازار» و«الساتان». وتألقّت أثواب فضية بألوان «الباستيل» والرمّاني، ومعظمها شُدّ عند الخصر، لإبراز النحافة المطلقة. فيما انسدلت الأقمشة على الردفين والوركين.
كذلك، برز فستان مميّز بلون الخوخ الداكن، زيّن بالتطاريز الفضية حول الرقبة وعند الصدر، بينما شُدّ عند الخصر بثنيات عرضية من «الموسلين». فضلاً عن فستان بلون الزهر الفاتح، امتزج بخيوط الذهب والتخريم المشغول بعناية عند الأكمام المنتفخة. ثم اختالت عارضة بفستان من «الموسلين» باللونين الأبيض والأسود، حيك بتوليفة رائعة. وبدا كأنه مرفق بمعطف من «الشيفون الناعم»، التفّ أعلى الصدر بشريط «ساتان» خمري.
وعلى رغم البساطة الطاغية على التصاميم، استغلّ المصممان التطاريز المنمنمة والكشاكش الناعمة، لإظهار قدرة فائقة على إحداث مزيج فريد بين الأشكال، توافرت لديها كلّ عناصر الإغواء والأناقة. هكذا، أطل فستان باللون الأحمر ذو شقّ عال جداً وصل حدّ الخصر، لكنه لم يكشف عن مفاتن السيقان بسوقية، بعدما لُفّ بقماش «الدانتيل» المخرّم بالأبيض والأحمر. وقد يعود اندفاع المصمّمَين إلى هذا النوع من التغطية إلى الاتجاه العالمي للموضة نحو الحشمة، وقد بدا ذلك جليّاً في معظم العروض الأخيرة.
وبما أن المجموعة مخصصّة لموسم البرد، كان طبيعياً أن تضمّ «تايورات» مؤلفة من سراويل كلاسيكية أو سترات متعددّة التصاميم ذات خصر ضيّق وكتفين واسعتين، زيّن أحدها بربطة ناعمة على الجانب.
عروس حنا وابنته، لم تغرّد خارج السرب، وقد أطلّ فستانان ليُكملا قصّة الكلاسيكية المرفّهة، فحيكا من قماش «الموسلين» و«الشيفون». وقد تميزّ واحد منهما بالمطرّزات الملوّنة، وأُرفق بأكسسوار مرصّع بحبّات «الشواروفسكي». بقي أن نذكر أن طموح آل توما لن يتوقف عند عرض مجموعات الأزياء في العاصمة الباريسية، بل هناك اتجاه جدي لإطلاق مجموعة الملابس الجاهزة خلال أسبوع الموضة في أيار (مايو) المقبل.