خالد صاغية
من الصعب أن يصدّق المرء أنّ القاضي الياس عيد قد نُحّي عن ملف التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين، بسبب... «بونات» من البنزين!
لكنّ قضية نقل الدعوى المتعلّقة باغتيال الحريري قد كشفت لنا (راجع ص 7) أنّ المديرية العامة للأمن العام تمنح قسائم محروقات لعدد من القضاة، بينهم مدّعي عام التمييز! أمّا كيف يتمّ ذلك؟ فبصورة قانونية جداً، إذ تعطي القوانين المدير العام للأمن العام الحق في تخصيص قسائم محروقات وتوزيعها، وأنّ سبب هذا التخصيص يعود لتقدير المدير العام، وتقديره وحده.
إذاً، تشكّل مادة البنزين في الجمهورية اللبنانية قناة الوصل بين السلطات التي يُفترض أنّ نظامنا «الديموقراطي» قائم على الفصل في ما بينها. هكذا تتواصل مديرية تابعة لوزارة الداخلية التابعة بدورها للسلطة التنفيذية مع الجسم القضائي التابع للسلطة القضائية، عبر مئات الليترات من البنزين.
أمّا المدير العام للأمن العام، في أيّ عهد، فيصبح مضطرّاً، حفاظاً على التواصل مع السلطات كافة، أن يصرف جزءاً كبيراً من وقته لتقدير عدد «بونات» البنزين الواجب توزيعها على عدد من المواطنين والقضاة و... إلخ. ومن المرجّح أنّ هذا العبء الملقى على كاهل المدير العام للأمن العام، ملقى أيضاً على كاهل مسؤولين آخرين في الدولة، يضطرون هم أيضاً للدخول في حسابات «البونات»، وفي أسئلة وأجوبة من نوع: «قدّيش بتعمل بالتنكة، معلّم؟»