باسم الحكيم
حتى الخامسة من عصر أمس، كان مسلسل «للخطايا ثمن» لا يزال مدرجاً في جدول برامج mbc في رمضان... لكن العاصفة التي أثارتها الدراما الكويتيّة (كتب قصتها وأنتجها، وقام ببطولتها نايف الراشد) مع لمياء طارق وأمل العوضي، في الأوساط الدينية والشعبيّة والصحافية الكويتية قبل أسبوع من حلول رمضان، دفعت القناة إلى الإعلان مساءً عن إيقاف عرضه... لم تعد القصة إذاً، محصورة بالاعتراض على «مجرد» مسلسل تلفزيوني، لأن القضية تفاعلت إلى حدّ وصولها إلى مجلس الوزراء الكويتي. وقد كلف وزير الإعلام عبد الله المحيلبي لجنة خاصة بقراءة السيناريو وإعداد تقرير مفصل عن العمل. وأكد أنه سيحيل على النيابة العامة كل من يثبت تورطه في إثارة الفتنة الطائفية! والنتيجة استجابة mbc، وامتناعها عن عرض مسلسل «للخطايا ثمن» للمخرج الأردني محمد عايش، «احتراماً للقيم ومنعاً لأي إساءة»، كما قال لنا مصدر مسؤول في التلفزيون.
لكن ما هي قصة هذا المسلسل الذي أثار الجدل؟ إنها حكاية كوثر، الفتاة الجميلة التي تتخذ من زواج المتعة طريقاً لجمع الثروة والمال. وفيما اكتفى الراشد بالتعليق على الهجوم بأن «المسلسل يناقش القضايا الاجتماعية في إطار درامي واقعي جريء»، نفى أن تكون الجرأة تتعدى المقبول، «لأننا حريصون على تقديم عمل تشاهده الأسرة. هو جريء في طرحه، لكن بعيداً عن الإسفاف والإساءة لأحد». الا أن ما رآه الكاتب جرأة، لقي هجوماً عنيفاً من الطائفة الشيعيّة في أكثر من بلد عربي. إذ رأت العمل إساءة لمعتقداتهم «نظراً الى المغالطات التي اعتمدها الكاتب في تناوله لقضية زواج المتعة». ووصل الأمر إلى حدّ الإعلان عن قرار محتمل، بسحب ترخيص الشركة المنتجة «مركز النايف للإنتاج الفني» التي يملكها الكاتب، إذا ثبت أن النص «يسيء إلى الشيعة»، كما قال مسؤول في وزارة الإعلام الكويتية. وقبل بضعة أيّام، نشرت بعض المواقع الإلكترونيّة مقتطفات من سيناريو وحوار المسلسل، تتحدث فيه كوثر إلى زميل سنّي معها في المكتب...
«كوثر: إشمعنى أنا. / يوسف: فيكي جاذبيه لو إسحق نيوتن شافك، كان سمى قانون الجاذبية الأرضية باسمك. / كوثر: لهالدرجة. /يوسف: وأكثر. / كوثر: أوكيه، ما عندي مانع بس بالحلال. / يوسف: شلون يعني. / كوثر: متعة. / يوسف: بس أنا سني. / كوثر: وشفيها، تشيع يوم واحد والّا ما أستاهل تشيع علشاني.../ يوسف: لو بغيته يكون زواج دائم. / كوثر: بصراحة، أنا ما أقدر. / يوسف: ليش. / كوثر: أحب أكون فراشة تتنقل بين الزهور»./ وكانت الأزمة قد بدأت بكشف أحد العاملين في مونتاج المسلسل عن بعض المشاهد، التي «تسيء إلى الشيعة وتتدخل في مسائل فقهية مثل زواج المتعة والمسيار والحسينيات». هكذا تحوّلت المشاهد إلى عنوان أزمة، تدخل فيها قادة شيعة ونواب في مجلس الأمة وفعاليات سياسية. ولم يكتف أحد النواب المسلمين، فيصل المسلم، بالمطالبة بمنع عرض المسلسل، بل أعلن أنه سيتقدم بـ «مشروع قانون إلى البرلمان ينص على ضرورة موافقة وزارة الإعلام المسبقة على تصوير أيّ مسلسل في الكويت»!
وكانت «أم بي سي» قد أصدرت مساء أمس بياناً، أعلنت فيه عن إيقافها بثّ المسلسل الكويتي «للخطايا ثمن»، بسبب «قرار من الجهات الرسمية الكويتية بمنعه». وأكد وليد الإبراهيم، رئيس مجلس إدارة مجموعة mbc في البيان «على احترامه للقرار الكويتي، بعد اتصالات أجريت بينه وبين رئيس جهاز الأمن الوطني في الكويت أحمد الفهد الصباح من جهة، وبينه وبين وزير الإعلام الكويتي عبد الله المحيلبي». وأشارت المحطة في نهاية البيان إلى أن «أم بي سي» التي تحترم القرار الكويتي، تؤكد في الوقت نفسه على أن العمل «لم يكن يتضمن أي إساءة متعمدة لأحد، على رغم ما تعرّض إليه من نقد واتهامات قبل عرضه على الشاشة».