بروكسل ــ طه عدنان نجيب غلال: القضاء الفرنسي يحسم
نجيب غلال مسرحي مغربي درس المسرح في الدار البيضاء ثم باريس حيث التقى عام 1990 بالشاعر والمسرحي الكبير أرمان غاتي وأمضى عشر سنوات عمل خلالها مساعداً لأحد ألمع مخرجي فرنسا المعاصرين، ما منحه رؤية جديدة للمسرح وللعالم. وعلى هدى معلّمه الفرنسي، عانق نجيب غلال مسرح القضية وانفتح على المسرح الفلسطيني ليشرف على إخراج أول عمل مشترك بين فرقة فرنسية محترفة ومسرح فلسطيني عام 1998. هذا قبل أن يتعاون لسنوات مع مسرح القصبة في رام الله ليُعدّ ويخرج مسرحية «باب الشمس» (2000) و«اضبطوا الساعات» (2001) و«ابتسم أنت فلسطيني» (2003) وأخيراً «عرس الدم» (2006).
نشاطُ نجيب غلال مخرجاً وكاتب سيناريو على الساحة الفنية الفلسطينية لفتَ النظر. هكذا سيحمل إليه رشيد مشهراوي عام 2005 سبع صفحات مكتوبة باللغة العربية تتضمّن فكرة شريط سينمائي طويل، طالباً منه تطويرها إلى سيناريو باللغة الفرنسية. اشتغل غلال على المشروع ليُنجز صيغة أوّلية للسيناريو ويبادر إلى تسجيله لدى «الشركة الفرنسية للمؤلفين المسرحيين» في عام 2006 على أنّه تأليف مشترك بينه وبين مشهراوي في انتظار أن يجدَّ في الأمر جديد. إلا أنّ الجديد الذي لم يتأخر طويلاً، جاء من حيث لم يكن غلال يتوقّعه، إذ اكتشف مصادفةً أنّ صاحب «تذكرة إلى القدس» يتهيأ لتصوير فيلم جديد بعنوان «متاهة» من تأليف مشترك بين مشهراوي وبيار بوردي وروز ماري ريتشيو. وقد حظي سيناريو «متاهة» بمنحة تمويل قدرها 7600 يورو من المهرجان الدولي للفيلم في «أميان» الفرنسية. وطبعاً قُدّم العمل إلى المنحة على أنّه فكرة أولية لمشروع سيناريو قبل أن يتضح أنّ هذا المشروع المزعوم ليس سوى «ملك الشاورما» المسجّل كسيناريو مكتمل قبل ذلك بشهور. وهو السيناريو نفسه الذي قدّمه رشيد مشهراوي إلى «الجماعة الترابية لكورسيكا» للحصول على دعم للإنتاج بقيمة تناهز 150 ألف يورو.
هنا وجد نجيب غلال نفسه مضطراً لعرض الموضوع على القضاء. هكذا، خلصت محكمة باريس إلى أنّ الحبكة والشخصيات والحوارات متطابقة بين سيناريو «ملك الشاورما» وسيناريو «متاهة» باستثناء بعض التعديلات الطفيفة. وبالتالي، خلصت إلى أنّ مشهراوي وشركاءه اقترفوا عمل انتحال وتزوير أضرَّت بنجيب غلال. وحكمت عليهم بدفع غرامة 15 ألف يورو لمصلحة غلاّل تعويضاً عن الضرر المعنوي الذي لحق به. كما قضى الحكم بمنع أيّ استغلال لسيناريو «ملك الشاورما» من دون ترخيص من نجيب غلال. حكمٌ سيجعل «متاهة» رشيد مشهراوي تتّسع وتحول دون تحقيق أمنيات صاحب «اضبطوا الساعات».
يوسف الشايب

مشهراوي: إنها حكاياتي وهو المترجم!

أعلن رشيد مشهراوي أنّه سيستأنف الحكم القضائي الفرنسي بحقّه، معلناً أنّه هو الذي أعدّ السيناريو الكامل لفيلم «ملك الشاورما» ثم غيّر اسمه لاحقاً إلى «المتاهة».
ويقول مشهراوي: «التقيت نجيب غلال أكثر من مرة، لكن لم يُوقَّع أي عقد بيننا. مع الوقت، بدأ غلال يتدخّل في السيناريو، ولم يعد يلتزم في القيام بدوره مترجماً للسيناريو فقط. وبما أنّ تدخّلاته في النصّ لم تعجبني، سلّمت الترجمة لشاب فلسطيني مقيم في باريس يدعى عبد اللطيف سليمان، وتعاونت لاحقاً مع بيار بوردي وروز ماري ريتشيو في تطوير النص».
وأعرب مشهراوي عن استهجانه لتصرفات غلال، مؤكداً أنّه لم يكن يعلم أنّ المخرج المغربي سجّل سيناريو الفيلم باسميهما معاً.
ويشير إلى أنّ ذلك تزوير واضح. فـ«السيناريو بأكمله لي، فيما دوره اقتصر فقط على ترجمة السيناريو إلى الفرنسية».
ويضيف مشهراوي: «آخر ما توقّعته أن يقوم غلال الذي فتحت له فلسطين ذراعيها وقلبها، ربما أكثر من أي بلد آخر، بما فيها بلده، بسرقة مجهود مخرج فلسطيني كل ذنبه أنه وثق فيه».
ويضيف مشهراوي: «لست بحاجة لأفكار من غلال أو غيره، ليس من باب الغرور، بل لأننا في فلسطين، تحيط بنا الحكايات من كل جانب. أسرتي في غزة، وحكاية كل واحد منهم تصلح لفيلم روائي. قد يكون القانون في صالح غلال، ولا سيما أنّه سرق جهدي وسجّله «رسمياً» باسمه علاوة على اسمي. لكنّ الحق معي، ولدي شهود على ذلك».
ويشير مشهراوي إلى أنه لن يقف مكتوف الأيدي، «مع أنني أعمل الآن على جبهات سينمائية عدة وكثيرة بينها فيلم في الذكرى الثالثة لرحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات، سيعرض في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في قصر رام الله الثقافي وفيلم روائي طويل بعنوان «عيد ميلاد ليلى».
ووفق ما نقل عن غلال، فإن مشهراوي حمل إليه سبع صفحات مكتوبة باللغة العربية، تتضمن فكرة شريط سينمائي طويل طالباً منه تطويرها إلى سيناريو باللغة الفرنسية، بما أنّ «الفرنسية مفتاح خزائن الدعم»، على حدّ تعبيره...
واشتغل نجيب غلال على المشروع قبل أن ينجزه ويذهب إلى تسجيله رسمياً مطلع العام 2006، فيما يشير رشيد مشهراوي إلى أنّه قدم السيناريو كاملاً، ولم يكتف بسبع
ورقات.