نوال العلي
هي صورة متناقضة نوعاً ما: الأردن الذي يفرّ منه إعلاميوه عند أول فرصة عربية تدق الباب، يستقطب اليوم كفاءات الدول المجاورة، واللبنانية تحديداً. في السابق، كانت البلاد قطعت شوطاً في تدريب كفاءاتها المحلية، وكانت البرامج المحلية والعربية أيضاً تنتج هنا، في استديوهات بتقنيات عالية نسبة إلى الدول المجاورة. لكنّ الأوضاع اختلفت بعد الموقف السياسي للأردن المؤيد للعراق خلال اجتياح الكويت عام 1990.
هكذا تراجع الإنتاج الأردني إثر مقاطعة دول الخليج للبرامج، وتراجعت الصناعة الإعلامية المرئية لأنها لم تعد تجد سوقاً لها. غادر الإعلاميون المتمرسون إلى الخليج، ولم تدرّب الأردن الكفاءات المحلية الجديدة جيداً، خصوصاً أنّ تدريس الإعلام ظلّ حكراً حتى الأمس القريب على جامعة حكومية واحدة. وكان إقبال الطلبة على الصحافة المكتوبة أكثر من الإعلام المرئي أو المسموع، نظراً إلى طبيعة المحافظة في المجتمع.
بعدها، استعادت شركات الإنتاج في الأردن نشاطها قليلاً، وعادت لتنتج البرامج والمسلسلات للمحطات العربية. فالمركز العربي للإنتاج مثلاً، ينتج أعماله الخاصة، ويقوم بعملية الإنتاج التنفيذي لبرامج محطات عربية. ويحدّث المركز تقنياته سنوياً، إذ يستخدم حالياً معدات high definition. بيد أن المفارقة في أنّ تجدد شركات الإنتاج تقنياتها، من دون تدريب كوادرها، جعلها تلجأ إلى الخبرات الجاهزة، خصوصاً من لبنان في تقديم البرامج واستخدام التقنيات مثل التصوير والميكساج والمونتاج.
وعلى رغم ما يقال عن تحديث التقنيات، لا يبدو هذا هو السبب الذي يدفع بمخرجين لبنانيين إلى تنفيذ أفلامهم في الأردن. والدافع الوحيد لوجودهم هو اللقاء بمخرجين وفنانين فلسطينيين يعيشون هنا. لكن حضور الإعلاميين اللبنانيين برز في المحطات الإذاعية الجديدة مثل «فن إف إم» و«روتانا» و«صوت الغد». فيما يندر حضورهم في الصحف والتلفزيون.
لكن لماذا الإذاعات فقط؟ يعزو مازن دياب، مذيع «صوت الغد» ذلك إلى أن الإداريين القائمين على هذه الإذاعات، هم لبنانيون، يفضّلون كادراً لبنانياً يتمتّع بخبرة في هذا المجال.
ويرى دياب أن ضعف علاقة الجمهور اللبناني بالإذاعة، هو أحد أسباب هجرة العاملين فيها إلى الأردن. إذ تلقى الإذاعة رواجاً كبيراً، بل ويتحول مذيع الراديو إلى نجم، خصوصاً مع تعلّق الشعب الأردني باللهجة اللبنانية. لكن السبب يتجاوز حب اللهجة إلى حقيقة أن المؤسسات الإعلامية، وهي في معظمها حكومية أو شبه حكومية، توظّف الأردنيين فقط. لذا يتعلّق المستمع المحلي بالمذيع اللبناني، حبّاً بالتنويع.
أما إميل كرم، مهندس الصوت في «راديو فن»، فيعدّ ورشات تدريبية للكوادر المحلية بهدف رفع سوية أدائها.