فجأة صارت «حارة اليهود» في دمشق القديمة قبلة الأنظار. الأزقة الضيقة والمعتمة في حي الأمين، تحولت خلال ثلاث سنوات إلى «غاليري» مفتوحة. كان مصطفى علي أول من غامر في اكتشاف أحد البيوت القديمة المهملة، ليكون مشغله الشخصي. اليوم تحوّل شارع تل الحجارة إلى حي للفنانين السوريين، بعدما توافد إليه 15 فناناً وفنانة، بينهم إدوار شهدا، نذير إسماعيل، فادي يازجي، باسم دحدوح، عبد الله مراد، ليقيموا محترفاتهم فيه، ونبتت عشرات المقاهي والفنادق السياحية. في هذا الحيّ، صار «مشغل مصطفى علي» اليوم مؤسسة متكاملة... وخصوصاً بعد إطلاق جمعية «مكان» لتكون مركز نشاطات إبداعية متعددة، ومعارض فوتوغرافية وملتقيات فنية وشعرية وورشات عمل للشباب. من جهة أخرى، أصدر النحات السوري البارز «كتالوغاً» ضخماً، يشتمل على أبرز محطاته في النحت. قدّم له الناقد أسعد عرابي بدراسة طويلة عن أعماله بعنوان «توابيت مصطفى علي تعلن قيامة غوطة دمشق». ومما كتبه عن تجربة هذا الفنان «ينحت مصطفى علي مادة أكفانه وكراسيه وهياكله من جذوع أشجار «غوطة دمشق»، يلملم أخشابها المنخورة، مستدعياً هلاكها المريع، يُخرج من بثورها وتغضناتها جسد عشتار. يودعها في زنزاناته وتوابيته ومحاريبه وصلبانه الخشبية، مستبدلاً ثنائية الساكن والمسكون بالدافن والمدفون».
أما طلال معلا فقال عنه: «يؤكد خصوصية تماثيله بإعلاء شأن ذاتها الفكرية والتقنية، وهو يسعى إلى ذخيرة حضارية رافدية ومتوسطية، تعيد صوغ أفكاره على هيئة المصقول من الإرث الميثولوجي الذي ما زال يعبق في التوازنات الروحية والنفسية لشعوب هذه الجغرافيا التي يعيد الضوء حيويتها ويبني استمرارها».