strong> ثائر غندور
انتظر المشاهد لأيام كي يرى ما الجديد الذي سيقدّمه تلفزيون «الجديد» عن «فتح الإسلام»، في وثائقي «إخوة في الإسلام» الذي عرضته المحطة مساء الأحد الماضي... لكن ليس كل ما يتمنّاه المرء يدركه! إذ تسمّر العديد من اللبنانيين أمام الشاشة الصغيرة ـــــ بعيداً من سطوة برامج رمضان ـــــ ليعرفوا من هي فعلاً تلك المجموعة التي أشعلت معركة استمرّت مئة وستة أيّام... من دون أن يقدم لهم التقرير أجوبةً شافية.
في الشريط، عرضت معدّة التقرير ومقدمته كرمى الخيّاط، تسجيلاً لاتصال هاتفي بين أحد رجال الدين وأبو هريرة، عشيّة اقتحام الشقة في شارع المئتين. ثم التقت بمجموعة من المشايخ، بينهم الشيخ داعي الإسلام الشهّال (ليس داعية الإسلام الشهّال، كما ذكر التقرير)، الداعية فتحي يكن، الشيخ ماهر حمّود، الشيخ هاشم منقارة، والشيخ علي اليوسف من رابطة علماء فلسطين. وتمحورت الأسئلة حول أصول هذه المجموعة، أفكارها الدينية والسياسية، وأنواع الأسلحة التي تملكها. كذلك انتقلت كرمى الخيّاط مع الكاميرا من طرابلس إلى صيدا، بحثاً عن معلومات تكشف المخفي من هذه الحقائق. وقد خلُص التقرير إلى أن «فتح الإسلام» لم تأتِ لمحاربة السلطة اللبنانية، بل «الغزو الصليبي» المتمثّل بقوّات اليونيفيل جنوبي الليطاني. لكن لماذا جاء الشريط ناقصاً؟ في البداية، يُمكن ملاحظة أن التسجيل الصوتي للاتصال المذكور أعلاه، تمّ عرضه في وقت سابق على شاشة «العربية». وإن كان الشرح الذي قدّمه الشهّال في التقرير الجديد، مهمّاً. إذ كشف أن الاتصال جرى بين أبو هريرة ومساعد الشهّال (بلال دقماق)، لا مع الشهّال مباشرة. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى نقطة ثانية تحدّث عنها الشهال، وهي أن أبو هريرة هو من دفع «فتح الإسلام» إلى المواجهة مع الجيش، لأن زوجة شاكر العبسي أفادت بأنّه «كان نائماً في تلك الساعات».
وقدّم التقرير الإخباري قراءة لعددٍ من رجال الدين السنّة في تجربة «فتح الإسلام» ومحاولتهم «استيعاب» هذه المجموعة منذ البداية، «كي لا تقوم بأمور لا نريدها نحن اللبنانيين»، حسبما قال الشهّال.
ومع ذلك، بقي السؤال الأساسي الخاص بالتمويل معلّقاً. إذ ردّد الداعية فتحي يكن المعلومات المتواترة بين اللبنانيين منذ بدء الاشتبكات عن أن «هذه المجموعة كانت تتلقّى مساعدات مالية من بنك البحر المتوسّط، لذا اقتحمت فرع هذا المصرف في بعد توقّف هذه المساعدات». لكنّ الخياط لم تقدم أي أدلة تؤكد هذه المعلومة، كذلك لم تبرز أي وثائق تكشف لنا المزيد عن تمويل جماعة شاكر العبسي. وفي النهاية، بقيَ كلام الشيخ حمّود على شيء مخفي «لا أعرفه» حدث في نهاية القضية، لافتاً. وهنا أيضاً، لم تستطع الخيّاط إيجاد «القطبة المخفية» في عملية محاولة هروب عناصر «فتح الاسلام» في نهاية المعركة، مكتفيةً بما قاله لها المشايخ من أنّهم لم يدخلوا في صفقة بين الجيش و«فتح الإسلام». وعلى رغم كل ما سبق، يُمكن القول إن إعادة تجميع هذه المعلومات وعرضها، كان أمراً ضرورياً.