غاصت ناتالي زيمون ديفس، لإنجاز كتابها، في مختلف المراجع المتعلقة بتاريخ أوروبا في القرن السابع عشر. شرعت في الكتابة عام 1995، وظلت تدقّق في حياة «ليون الأفريقي» طيلة 12 سنة. وخرجت من كل تلك الأبحاث ببورتريه مشوّق وآســـــــر عن هذه الشخصية التي يحيط بها الغموض في كل مراحل حياتها، بدءاً بتاريخ ميلادها الذي تتضارب بشأنه المصــــــادر، وتقــــــدّره بين 1486 و1488 ميلادية، في مكان يُرجّح أنه غرناطة... وصولاً إلى تاريخ وفاتها المجهول أيضاً. وإن كانت المؤرخة تؤكد أنه كان بعد عام 1532. أمّا مكــــــان الوفاة فغير معروف هو الآخر، لكنّ المرجح أنّه في تونس التي حلّ فيها «الأفريقي» بعد سقوط روما عام 1527، وعاش معتكفاً معتزلاً الناس حتى وفاته...لا تقلّ فصول حياة «الأفريقي» الأخرى غموضاً وتضارباً. المؤكّد منها أنه نزح مع عائلته إلى المغرب بعد سقوط غرناطة، حيث استقرت بهم الحال في فاس. في العشرين من العمر، بدأ «حسن الوزّان» نشاطه كرحّالة بتكليف من سلطان فاس، فتنقّل بين مختلف بلدان أفريقيا والمغرب ومصر... وصـــــــولاً إلى القسطنطينية التي كان عائداً منها عام 1518، حين هُوجمت سفينته، ووقع في أسر قراصنة إيطاليين.
في السجن، اكتشف خاطفوه سعة ثقافته، فأهدوه عبداً إلى البابا ليون العاشر الذي أعتقه بعد اعتناقه المسيحية، وقام بتعميده بنفسه في كنيسة «القديس بطرس» في روما في 6 كانون الثاني (يناير) 1520، وأطلق عليه اسم «يوهانيس ليو».
بطلب من البابا، قام «الأفريقي» بوضع كتابه الأشهر «وصف أفريقيا» الذي نُشر لأول مرة بالإيطالية في فينيسيا (البندقيّة) عام 1554. ويعد أبرز مصدر تاريخي عن حياة المسلمين في بداية القرن التاسع عشر. وتزعم بعض المصادر أن «الأفريقي» ترجمه عن مخطوطة أصلية كتبها بالعربية، وكانت بحوزته حين خطفه القراصنة الإيطاليون. لكنّ هذه الرواية غير مؤكدة، وخصوصاً أنّه لا يتوافر أي أثر ملموس لهذه المخطوطة.