صباح أيوب
بعد السيطرة على الأسواق التجارية، وإنتاج الصناعات على اختلاف أنواعها، والتفوّق بعدد السيّاح، والوصول الى الفضاء، والدور الفاعل في السياسة الدولية، تستكمل الصين «اجتياحها» وامتدادها العالميين عبر الإعلام هذه المرّة، الإعلام المرئي تحديداً، إذ يطلق «التنين الأصفر» اليوم، تزامناً مع العيد الوطني للبلاد، محطتين تلفزيونيّتين فضائيتين، واحدة باللغة الفرنسية والأخرى بالإسبانية.
CCTV-F وCCTV-E أو «التلفزيون الرسمي الصيني ــــــ بالفرنسية» و«التلفزيون الرسمي الصيني ـــــ بالإسبانية» هما القناتان الرسميتان الناطقتان بالفرنسية والإسبانية اللتان ستحققان طموح الدولة الصينية لـ«تعريف المجتمعات الفرنكوفونية والإسبانية أكثر بالصين». وستعتمد المحطّتان بشكل أساسي على نقل متواصل للأخبار الدولية على مدار الساعة مع برامج إخبارية وتحقيقات عن الصين ومختلف وجوه الحياة فيها. أما فرق العمل التي جهّزت واستكملت في كلتا المحطتين فستعتمد بشكل أساسي على الصحافيين الصينيين ــــــ الفرنكوفونيين من معدّين ومصوّرين ومراسلين حول العالم، وستستعين بخبراء أجانب في مجال الصحافة والترجمة والبث. ويشير مسؤولو البث في المحطتين الى أنّ مدى الإرسال الذي ستغطّيه المحطتان سيشمل 36 دولة مع توقّع حصد نسبة مشاهدين تفوق 4 ملايين مشاهد فرنكوفوني وإسباني في تلك المناطق. وتتناول التحليلات، كتلك الصادرة في صحيفة «لو موند» الفرنسية، أسباب إطلاق المحطّتين، وخاصة الفرنسية منها، وخلفيات توقيتها، فتُرجعها الى «الاهتمام المتزايد للصين بالقارّة الإفريقية» لكون القارة السوداء هي من أبرز مصادر إمداد الصين بالطاقة على اختلاف أنواعها. ويربط المحللون السياسيون الدور المتصاعد والمفاجئ للصين في سياسات الدول الإفريقية وفي أزمة دارفور في السودان أخيراً، بنيّة الصين بسط سلطتها على القارّة الغنية بالطاقة، وذلك باستخدامها الإعلام للوصول الى المجتمعات الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية بأغلبيتها. من جهتهم، لا يتطرّق المسؤولون الصينيون عن إدارة المحطتين إلى هذا الموضوع بشكل صريح وواضح، بل يشرح نائب رئيس CCTV زهانج تشانغمينغ بأنّ «السبب وراء اهتمام الصين بإيصال صورتها الصحيحة للعالم عبر الإعلام، هو أن لا تظلّ بعض الشعوب تعتقد بأنّ الصينيين هم متخلّفون ويعيشون حياة بدائية حيث لا تزال الدواب تسير في الطرقات وتستخدم وسائل للتنقل». هذا ما يحاول أن يشرحه أحد أكبر المسؤولين في المحطة الرسمية التي تمتلك 17 قناة. أما سونغ جيانينغ، رئيسة تحرير CCTV-F، فتؤكّد لـ«لو موند» أنّ السياسة التحريرية العامة للمحطّتين «ستتّسمان بالموضوعية والحسّ النقدي حتى لو كان النقد يطال جهة رسمية».
لا شكّ في أنّ التحدّي موجود بالنسبة إلى فرض سياسة إعلامية حديثة وموضوعية في دولة لا يزال هامش الحرّيات فيها ضيّقاً ويرزح تحت ذيول عصور من الانغلاق السياسي والاجتماعي عاشته الصين حتى فترة قريبة من الزمن. ولكن اليوم، الأمر جليّ وواضح، إذ لا أحد يستطيع كبح جموح «التنين الأصفر» في كل المجالات، وهذا ما يؤكّده الوعد الذي أطلقه رجال الإعلام في الصين، وهو أنه مع حلول عام 2010 ستكون هناك محطات تلفزيونية صينية باللغة العربية والروسية والبرتغالية.