خالد صاغيّة
في 20 أيّار 2007، اندلعت شرارة الاشتباكات في نهر البارد. شهران ونصف شهر مرّت على هذا التاريخ. ومنذ ذلك الوقت، والجيش «يقترب من الحسم» أو من «إعلان الانتص ار»، وذلك حسب المعلومات المتوافرة بدقّة لكل وسائل الإعلام اللبنانية. وحين لا يقترب الجيش من الحسم، يكون مشغولاً في تضييق الخناق. وهذا المصطلح الأخير دخل حديثاً إلى عناوين الصحف، من دون أن يعرف كيف يغادرها. و«تضييق الخناق» عمليّة معقّدة ينبغي شرحها بالتفصيل:
أوّلاً، يتمّ البحث عن بقعة شديدة الفقر ومعزولة قدر الإمكان، حتّى لا يزعج «تضييق الخناق» المناطق الأكثر ثراءً التي يسكنها عادةً زعماء سياسيّون يطلقون تصاريح محرّضة على استمرار القتال.
ثانياً، يتمّ زجّ جنود الجيش اللبناني وضبّاطه في معركة داخل الأزقّة من دون أن يكونوا مُعدّين لهذا النوع من القتال.
ثالثاً، أعداء الجيش يصبحون فجأةً متحدّثين باسمه ومناصرين له. فيقومون بكيل المدائح له ليلاً ونهاراً، ما داموا مسرورين بإغراقه.
رابعاً، تشتمل عملية «تضييق الخناق» على تهجير المدنيّين من منازلهم وتعريضهم للإهانات والضرب، وذلك حرصاً على سلامتهم. ثمّة رابط عضويّ بين «تضييق الخناق» والعنصريّة الوقحة.
خامساً، لا يستقيم «تضييق الخناق» ما لم يقترن بتدمير تلك البقعة الشديدة الفقر تدميراً كلياً، حتّى يقود السماسرة من أركان السلطة عملية نهب جديدة سيسمّونها «إعادة إعمار».
للتذكير فقط، إنّ مقتل الجنود والضباط اللبنانيين ليس خبراً يومياً عادياً، والنزوح من مخيّم إلى مخيّم ليس قدراً فلسطينياً.