خالد صاغية
شكّل رفع شعارَيْ «الوحدة وطنية» و«الإجماع الوطني» عنصراً أساسياً في تظاهرات 14 آذار 2005. اكتشف المتظاهرون، على حين غرّة، أنّ ثمّة طائفة كبرى خارج هذا «الإجماع». لكنّ هذا الاكتشاف لم يكن ليخفّف من يقينهم. فلا شيء يهدّد إجماعهم ووحدتهم. كان المطلوب إذاً أن يخرج الشيعة من الوطن، كي تتحقّق الوحدة الوطنية.
هكذا صعدت إلى الواجهة آيات من الهجوم الجارح، لا على القيادات السياسية للطائفة الشيعية وحسب، بل على الشيعة أنفسهم في كرنفالات من العنصرية لم تغب عنها بعض وسائل الإعلام.
لكنّ «إخراج» الشيعة من المعادلة اللبنانية لم يكن كافياً وحده كي تكمل السلطة احتكارها لـ«الإجماع الوطني». فمع مرور الزمن، وخصوصاً بعد حرب تمّوز، ازدادت السلطة عراء. وما كانت تسمّى «حكومة الاستقلال الثاني» باتت في مواجهة مع نصف شعبها.
لا تستطيع السلطة أن تغفر لميشال عون. فهو، بالنسبة إليها، كمن جاء إلى الحفل بدون دعوة، بهدف إفساده. لكنّ المسيحيّين، بخلاف الشيعة، لم يعرفوا التهميش تاريخياً، وكان من الصعب إطلاق أبواق العنصريّة في وجههم. فكان لا بدّ من انتظار معركة المتن الفرعيّة حتّى يتمكّن أصحاب الدم اللبناني الأزرق من صبّ جام غضبهم على... الأرمن.
على اللبنانيّين، من الآن فصاعداً، تحسّس أصابعهم وإخراجات قيدهم يوميّاً. فبعد الشيعة والأرمن، لا نعرف من هو التالي. الكلّ بات مهدّداً في وطنيّته وفي إنسانيّته، دفاعاً عن «الوحدة الوطنية».