نشأ ستيف سابيلا نشأة شبه كوزموبولتية في «القدس القديمة» التي كانت مطلع الثمانينيات تمور بالسياح الأجانب... وفي بيت ترى من شرفته «قبة الصخرة»، فيما كان والده يعمل دليلاً سياحياً. لكنّ الحياة صعبة في البلدة القديمة حيث الثقل الديني والازدحام السكاني وكآبة الاحتلال وجنوده الذين يفحصون الهوية على البوابات.أنهى سابيلا دراسته في مدرسة «الفرير» بأجوائها المغتربة، ليدخل غربةً أكبر دامت ثلاث سنوات في كلية فنون إسرائيلية في غرب القدس. هناك، درس التصوير الفوتوغرافي، وكان الطالب العربي الوحيد. وبسبب اسمه الذي لا يبدو أنه عربي، إضافة الى إتقانه العبرية، لم يفطن زملاؤه الإسرائيليون إلى أنّ «زميلهم» فلسطيني، فيما كانوا يستفيضون بأحاديثهم العنصرية عن العرب!
عن هذه التجربة، يقول سابيلا: «لم يعرف أحد أني عربي، مع أني لم أنكر ذلك. كنت في العشرين حينها واتخذتها مغامرة. كانت لهجتي العبرية تشبه لهجة الفرنسيين، وكانوا يظنون أنّي فرنسي إيطالي! وحين كنت أخرج مع زملائي في مدرسة التصوير، راح أحدهم يقول لي إنّه يشم رائحة العربي عن بعد كيلومتر واحد وهو لا يعرف أنّه يتحدث إلى عربي لا يبعد عنه نصف متر!
كنت أستمتع بكوني أراقبهم وأراهم وهم لا يتخيّلون حتى وجودي. إنها تجربة «طاقية الإخفاء»: ألاّ تكون مرئياً فيما تراقب المجتمع الإسرائيلي وتكتشف الأوهام التي يعزل نفسه فيها». سيتذكر سابيلا لاحقاً تلك التجربة التي تعكس جانباً مركّباً ومعقّداً من مواجهة زمن الاحتلال، وسيرويها بصفتها طرفة... تليق بفنان لامع من سلالة «المتشائل»!