نور خالد
أراد حسن الإمام أن يستثمر النجاح المذهل الذي حققّه فيلم «خلّي بالك من زوزو» (1972). إلا أنّه ترك بطلته سعاد حسني «تغوص» في ثلاثة أفلام نفسية صوّرتها دفعة واحدة بعد عام فقط على إنتاج «زوزو»، قبل أن يستردّها الإمام في «أميرة حبي أنا» (1974). وكان علي بدرخان، المخرج ذو المزاج «القاسي»، وزوج السندريلا آنذاك، يرى في «زوزو» «استغلالاً لموهبتها في فيلم سطحي»، بحسب ما روت أحداث مسلسل «السندريلا». سعاد حسني أحبّت بدرخان إلى درجة اقتنعت معه بأنّها «ضيعت» نفسها وتاريخها في «زوزو» الذي لم يرفع من صالات السينما قبل مرور 56 أسبوعاً، علماً بأنّ الإذاعات كانت تتناقل أغانيه التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب.
هكذا، اقتنعت سعاد حسني برأي بدرخان، فغيّرت جلدها في فيلم لزوجها اسمه «الحب الذي كان»، إضافة إلى عمل آخر كئيب هو «غرباء» لسعد عرفة، وثالث أكثر ألمعية هو «أين عقلي» لعاطف سالم. لم يكتب للأفلام الثلاثة النجاح، وواجهت السندريلا التي فاجأت جمهور عصر الانفتاح الساداتي بثلاثة أدوار نفسية مركبة، تعليقات في الشارع من قبيل: «زوزو أصابتها عقد نفسية». وحين دقّ الإمام باب بيتها مرة أخرى، كانت في أمسّ الحاجة إلى «زوزو» أخرى تعيدها إلى مجد، خشيت أن تفقده سريعاً. هكذا، لم تلتفت إلى بدرخان، وقدمت مع حسن الإمام قصةً مأخوذة عن أدب نجيب محفوظ، بعنوان «المرايا». حشد هذا الأخير شلّة زوزو ذاتها تقريباً: كتب صلاح جاهين الأغاني، ولحنها كمال الطويل، وقبّل الفتى الأشقر (حسين فهمي) سعاد حسني ثانية. وهي ارتدت فستانها الأحمر، وغنّت في حديقة القناطر الخيرية «الدنيا ربيع» التي بقيت أغنية الموسم كل عام. أحب الجمهور ممثلته في دور الموظفة البسيطة التي تغرم بمدير شركة تمتلكها زوجته «الشريرة» (سهير البابلي). وعاش الناس مع العاشقين ومصاعبهما قبل أن ينتصر الحب وتصبح الحياة «بمبي... بمبي... بمبي».
وسط هذه الأجواء لفّ الإمام حكاية محفوظ بطريقته المعروفة: البسطاء يرقصون ويغنون، حتى لو كانوا موظفي شركة، والحب يبقى الوحيد القادر على مدّ الجسور بين الطبقات الاجتماعية. ولأنه أراد مشهداً غنائياً واستعراضياً أكثر زخماً، أقحم مشاهد تدريبات استعراضية، يقوم بها موظفو الشركة لتقديم مسرحية نهاية العام. وهنا، جعل سعاد تؤدي أغنية سيد دوريش «يا رب اللي له حبيب، ما يتحرمش منه»، فبدا جوّها دخيلاً على الفيلم.
13:30 على «الشاشة»