جورج موسى
«قديش عدد سكان جبّ جنين؟»... قد لا يعرف كثيرون أن مخرجة الإعلان الشهير لـ«بنك عودة»، هي نادين لبكي. هذه المخرجة التي حقّقت قفزة نوعية في مسيرة الفيديو كليب العربي، أتت من عالم الإعلانات، متمرّسة منذ البداية في فنّ مخاطبة الجمهور وإقناعه بـ«منتوجها»...
في عام 1999، كانت لبكي غارقة في مشاريعها الإعلانية، عندما أتت إليها صديقتها، ميادة الحراكي (واحدة من أبرز منتجي الكليبات والإعلانات في العالم العربي اليوم)، وأقنعتها بخوض غمار الأغنية المصورة. كان همّ واحد يجمعهما هو ترسيخ قيمة الكليب كعمل فني جدير بالاهتمام، تماماً مثل الشريط الإعلاني. هكذا، جاءت البداية مع باسكال مشعلاني في «يا طير الغرام»، ثم نورا رحال وكاتيا حرب... بعدها، طرق بابها جيجي لامارا، مقدّماً إليها على طبق من فضة، فتاةً تدعى نانسي عجرم. هذه الأخيرة بحثت عند لبكي عن إطار جديد، يناسب تغييراتها في الشكل والمضمون. فألبستها نادين فستاناً ضيقاً وأدخلتها مقهى شعبياً، لترقص وتغني: «آخاصمك آه»...
بـ «آه» واحدة، حقّقت نانسي ما عجز آخرون عن تحقيقه في سنوات من الغناء. ومنذ ذلك الوقت، اقترن اسم الأولى بالثانية، إذ عرفت نادين كيف تتحايل على الصورة، وتوظّفها لخدمة بطلتها، فقدّمتها في ستة كليبات بشخصيات مختلفة، صنعت منها حالة لا تزال مستمرة بقوة حتى اليوم. وإذا بلبكي تحقّق، من خلال كليباتها، نجوميةً تضاهي نجومية نانسي. وعندما أصبحت عجرم الوجه الإعلاني لشركة «كوكا كولا»، مثّلت نادين وأخرجت أحد إعلاناتها.
كل ذلك جعل منها مقصد العديد من الفنانين الساعين إلى مزيد من الألق، والباحثين عن هوية جديدة: أُسندت إليها مهمة تنفيذ أول كليب لنجوم «ستار أكاديمي 1»، ثم كرّست ألق نوال الزغبي ونجوميتها بعد غياب أكثر من سنتين في «بعينك». وأبعدت عن كارول سماحة «تهمة» فنانة المسرح الاستعراضي، في كليب بسيط هو «اطلّع فيي»، وجعلت من يوري مرقدي قاهراً لقلوب العذارى في «بحبك موت»، ثم قدّمت نيكول سابا بدور كوميدي في «يا شاغلني بيك»... وأخيراً حوّلت ماجدة الرومي إلى فنانة استعراضية في «اعتزلت الغرام».
نادين لبكي التي تلتقط التفاصيل الصغيرة، بعيداً عن المبالغة، ميزتها البساطة أولاً وأخيراً، ثم الواقعية والارتجال. الإضاءة عندها حميمة، وحركة الكاميرا هادئة. وقد استقت شخصيات كليباتها من واقع الحياة، ونقلتها إلى الشاشة في أعمال تحاكي السينما، وتثير عليها بعض الانتقادات... كل ذلك أوصلها أخيراً، بجدارة، إلى امتحان السينما.