strong> سيرين قوبا
كان مسكناً للفرنسيين قبل أن يشتريه الأب «ملحم حنّوش» عام 1943 في نهاية حقبة الانتداب الفرنسي. هو بناء كبير يقبع في بلدة تعنايل تحيط به حديقة واسعة لافتة وعمره اليوم حوالى تسعين عاماً. منذ ذلك الحين بدأ منزل «آل حنّوش» يسطّر مع أولاده أولى حكاياته مع التاريخ والفن، وأصبح له اليوم شهرة واسعة وأهمية خاصة في المجال الفنّي، والتراثي والأثري اللبناني والعالمي. فهذا المنزل الذي يضمّ مختلف المراحل الفنية القديمة والعصرية المتطورة يجمع في غرفه وحدائقه مئات المنحوتات وتزين جدرانه آلاف الصور، وهو يملك، بالإضافة الى متحفه الداخلي، مساحة واسعة من الحدائق المقسمة هندسياً الى لوحات طبيعية تزنّرها الورود والأزهار من مختلف الأصناف والألوان وتصطف بين ظلالها عشرات المنحوتات والتماثيل. من هنا انطلقت مخيلة «إميل حنوش» التي ترتكز على التراث والآثار والفن فجهّز قسماً من هذه الحديقة وجعلها مسرحاً. ويقول حنّوش إن فكرة المسرح «كانت واردة منذ زمن ولكني كنت أتردد في تنفيذ المشروع الى أن جمعتني الصدفة بأصحابي في الأشرفية عندما كانوا يرممون منزلهم الذي يعود الى سنة 1845، فأعجبتني أعمدته المنحوتة التي تعود الى القرن 19، فأقدمت على شرائها منهم بأكثر من 20 ألف دولار لإقامة المسرح في الدار في بلدتي البقاعية».
فكرة إقامة المسرح تطورت حين التقى حنوش صديقه عمر كركلا الذي نصحه بإنشاء مسرح كامل ومتكامل يتضمن غرفة للملابس وحماماً واستراحة، فما كان من حنّوش إلا العودة الى الأشرفية ليشتري من أصدقائه الحجارة القديمة بمبلغ طائل إذ تبيّن أنها من الحجر المصري القديم.
بدأت ورشة تشييد مسرح في الهواء الطلق في سهل البقاع الأوسط في شهر آذار الماضي واستغرقت حوالى 3 أشهر من العمل المتواصل والدؤوب الى أن أُنجز أخيراً ليكون في المنطقة مسرح لمختلف أنواع العروضات الفنية والترفيهة والثقافية وأشكالها.
يتوسّط جدارَ المسرح في الداخل حجرٌ مملوكي كبير من القرن 13، وهو يعني بإشعاعاته حركة الكون بكاملها، وتلتقي هذه الإشعاعات عند نقطة التقاء الكون في الوسط، بالإضافة الى «ثريا» عمرها أكثر من مئة عام، وتزيّن جدرانَ المسرح الداخلية لوحتان من الموزاييك جديدتا الصنع.
يعتبر مسرح حنوش في تعنايل ـــــ شتورا هو الأول من نوعه في البقاع من حيث جمالية مكانه وسط حديقة كبيرة تجمع أجمل أنواع الورود والنباتات على اختلافها، إضافة الى ديكوره المميز وبنائه بواسطة الأعمدة الأثرية والمنحوتات الفريدة التي تزيّنه، وأيضاً من حيث مساحته إذ يتسع لحوالى 3000 شخص في الهواء الطلق، وهو مجهّز بالإنارة الداخلية والخارجية وبكل ما يحتاج إليه الممثلون والمخرجون لإنجاز مسرحياتهم وأعمالهم الفنّية. وقد استضاف المسرح منذ افتتاحه حفلات زفاف فقط، ولم يشهد أية عروض مسرحية، لذا يناشد حنوش جميع المهتمين بالشأن الثقافي المسرحي، تنظيم عروض لهذا المسرح «للمساهمة في نهضة الحركة الثقافية في البقاع وكي لا يذهب عناء تشييد ذلك المسرح هدراً».