بشير صفير
تكثر التجارب في عالم موسيقى الراب في لبنان، تحمل توقيع لبنانيين يعيشون في وطنهم أو آخرين عائدين إليه بعد الحرب. ويتنوّع مستوى هذه التجارب بين فرقة وأخرى على صعيد الموسيقى والكلام والأداء، وخصوصاً «نسبة المعاناة» التي تختزنها الأغنيات. فيما نفاجأ بأعمال راب كتبها بعض الشبان اللبنانيين وافتقرت إلى الحدّ الأدنى من الحجّة التي ينطلق منها مشروع كهذا، ألا وهي حياة الشارع بمآسيها وبؤسها ومشاكلها. ولعلّ المضحك أنّ بعض أصحاب هذه المشاريع يتناول الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي في لبنان، «منظّراً» من العاصمة الفرنسية ومدّعياً تضامنه الصادق مع شعبه ومعبراً عن آلام تقضّ مضجعه الدافئ كلما سمع خبراً سيّئاً عن لبنان. ويمكن أن تكون حال هذا النوع من المبادرات الفنية «المتضامنة» و«الثائرة» أقل سوءاً إذا أتى مستواها الموسيقي ـــ نسبةً إلى التجارب الجيدة موسيقياً في عالم الراب الغربي ـــ جيداً.
إنّه رامز أو RAmez كما يريد أن يسمـّي نفسه ونسمّيه، وهو يحرص على فرنسة اسمه احتراماً للفرنسيين، ربما الذين يمكن أن «يشمئزوا» لسماع اسم عربي في هذه الفترة. استطاع هذا الشاب اللبناني ـــ الفرنسي (والعكس هو الأصح) أن يجمع في أسطوانته القصيرة (E.P) التي عنونها «ليش هيك بلدي» مجد السخافة من أطرافه من خلال خمس أغنيات وافتتاحية، كتب كلماتها وأدّاها جميعها، بينما تعاون مع مازن سبليني ورامي كرامي لإعداد الموسيقى التي ضاهت الكلام والمواضيع المتناولة سطحيةً
وادعاءً.
في افتتاح الألبوم، كلام يمهّد لتناول الوضع الأمني في لبنان وخصوصاً منذ اغتيال الحريري. هكذا، تتوالى الأغنيات التي تنتمي موسيقياً إلى الراب التجاري في أحسن الأحوال، وتنحدر في بعض الأحيان إلى أغنية البوب التجارية الغربية. أما في ما يخص مضمون الأغنيات، فيعلن RAmez أنّه لم يعد يستطيع التنفس (من فرنسا وبالفرنسية) بسبب الأوضاع اللبنانية المتردّية. بعدها، يتهم اللبنانيين بشكل غير مباشر بعدم تعلّمهم من الحرب الأهلية التي حرقت بلدهم. ويشبّه اغتيال الحريري باغتيال كندي (جون كندي) ولا ينسى اللوحة التي تشير إلى عدد الأيام التي مرت على 14 شباط 2005، ويدعو اللبنانيين إلى الاتحاد في سبيل
لبنان...
أما في الأغنية التي تحمل اسم الألبوم، فيصف RAmez الشوارع اللبنانية التي تغص برجال الأمن الذين نقع ضحية مزاجيتهم، ويهزأ بسائقي سيارات الأجرة البيروتيين وزماميرهم و«همشريتهم»... كل ذلك بالفرنسية، ليسأل في اللازمة بالعربية «ليش هيك بلدي». ثم يعطي RAmez رأيه المتواضع بالحب والعلاقة مع المرأة، مصحّحاً للكاتب الفرنسي المعاصر فريدريك بيغبدير عن دوام الحب سنتين ونصف بدلاً من ثلاث سنوات... ويتخطى أيضاً رائعة المغني والشاعر الكبير جاك بريل Ne me quitte pas. هذا قليل من كثير مما جاء في أسطوانة RAmez الذي لم ينس أن يشكر الـ Dr T الذي وقف إلى جانبه بعد أحداث 11 أيلول!