داني الأمين
اجتهد محمد العلي ابن بلدة شقرا الجنوبية كثيراً قبل أن يطلق عليه أهالي القرية لقب «أبي الفكر»، وذلك لما يبتدعه من نشاطات وأفكار مميزة. وقد افتتح أخيراً معرضاً في شقرا تحت عنوان «مواويل الزمن المسافر». يسلّط المعرض الضوء على «شقرا الأرض والإنسان، فالزمن الذي ولّى يجب أن يبقى في ذكرى الأجيال الجديدة». وفيه صور ولوحات تحكي تاريخ شقرا القديم، منها صور أغلب أهالي البلدة الذين ذاع صيتهم بالمآثر والعلم والكرم والشجاعة والمقاومة وغيرها، إضافة الى صور للبلدة القديمة يعود تاريخ بعضها الى عامي 1873 و1915.
وقد قام أبو الفكر بتجميع الصور من أهالي البلدة المقيمين والمغتربين. وقد وضع في المعرض لوحات كتب عليها أبو الفكر عن أهم رجالات البلدة الكبار، أمثال العلامة السيد محسن الأمين، والمؤرخ حسن الأمين، وعن بعض أنواع المأكولات التي لم تعد تُطبخ كطبق الـ«فقشة»، وطبخة أبو كسيلان والأرنوب المحشي، وفي بعض اللوحات كتابات عن بعض أهالي شقرا الذين قدّموا مساعدات عدة للبلدة. ومما عرض كتابةً أيضاً، حكاية أحد أبناء البلدة الراحلين ويدعى محمد حسين خلف الذي توفي قبل 15 عاماً، وكان تزوّج أربع مرات وله 475 حفيداً، وكانت إحدى زوجاته امرأة فلسطينية تحمل الجنسية الاسرائيليــــــــة، ولـــــــه ابن اسمه يوسف يعيش في فلسطين. ويبين أبو الفكر أن أحفاد خلف انتشروا في كل بقـاع العالم وأصبح لهم جنسيات متعددة، إضافة الى أن بعضهم من طوائف مختلفة.
وفي المعرض حكاية الراحل السيد موسى نصار الذي كان فاقداً للبصر، لكنه يتمتع بذكاء حاد وبصيرة مميزة، وكان في شهر رمضان يمر ليلاً على كل منازل القرية وينادي الجميع بأسمائهم لينهضوا لتنـــــاول السحور، ويقوم بقطف الصبار في الليل.
ولم يهمل «أبو الفكر» في معرضه عرض صور شهداء البلدة من مختلف الأحزاب، إضافة الى أربعة كتب تاريخية، منها نسخة قديمة عن القرآن الكريم نُسخت في العهد العثماني، وكتاب يختصر أهم كلمــــــات الأمـــين العام لحزب الله حسن نصر الله. وقد أشرف على الكتب الأربعة الفنان علـــــي عيسى، وابتدع لها أغلفة علـى الطـــــــراز القديم.
محمد العلي لاقى تشجيعاً من مفتي بنت جبيل السيد مهدي الأمين لإقامته هذا المعرض، وقال «أنا والسيد والعديد من المهتمين بالتراث، سنعمد لاحقاً الى إنشاء التجمع العاملي للحفاظ على التراث، لنقل كل الروايات القديمة والصور وكل ما له طابع تراثي وأثري إلى الأجيال اللاحقة، وسنجمع المال لبناء متحف يضم المقتنيات التي سنجمعها».
لم يعلن محمد العلي موعد إطلاق ورشة هذا المتحف، ولكنه يبدو كمن خطا الخطوة الأولى في هذا الإطار، إذ قام بتخصيص ألبوم عملاق، طوله نحو مترين وعرضه متر واحد، وسيستخدم هذا الألبوم لجمع صور المعرض داخله في مرحلة لاحقة.