ما زالت قضية حلمي سالم متداولة في المحاكم المصرية بسبب قصيدته «شرفة ليلى مراد» التي نشرها في مجلة «إبداع». كما أنّه تعرض لدعوى قضائية أخرى تقدّم بها عضو «مجمع البحوث الإسلامية» الشيخ يوسف البدري تطالب بسحب جائزة الدولة للتفوق منه بسبب القصيدة ذاتها. الشاعر المصري يرى أن هناك نقاطاً جوهرية تعوق حرية التعبير في المجتمعات العربية. ويلخّص سالم هذه المعوقات كالآتي:
  • الدولة العربية الحديثة لم تقم نهضتها على خلفية ثورة رأسمالية كاملة تنتج قطيعة واضحة مع المجتمع التقليدي السابق.
  • هكذا بقي «النقل» مجاوراً لـ«العقل»، وموازياً له، في قلب بنية التحولات الحديثة. وظل المقياس الديني معياراً لصلاحية، أو عدم صلاحية، أي فعل أو سلوك أو خطوة. من هنا ازدواجيّة منظورنا الذي بقي منقسماً بين المرجعية الدينية والمرجعية المدنية.
  • ضيق الحيــــــــــاة العربيـــــــــة بفكـــــــــرة التعدد، بفعل عهود الاستبداد والأحادية الطويلة (سياسياً ودينياً وفكرياً وجمالياً) التي مرّت عليها.
  • ما أدى إلى ضعف ميراث العرب من فلسفة التعــــــــدد ونعمة التنوع وفضيلة قبول الآخر.
  • اعتماد المعنى الحرفي، في قراءة أي نص وفي تأويل أي كتابة... والتجاهل الكامل للغة المجاز التي هي روح الإبداع وجوهره.

  • قانون تطوير الأزهر الذي أقرّ في أوائل الستينيات منح «مجمع البحوث الإسلامية» حق مراقبة كل ما يمسّ الدين الإسلامي.
  • وعلى رغم أن القانون يرتبط بالشؤون الدينية فقط، فإن رجال المجمع استطاعوا أن يتوسعوا في صلاحياتهم حتى كوّنوا سلطة شبه مستقلة على جميع ألوان الفكر والإبداع.
  • التقاء مصلحة الاستبداد السياسي والسلفية الدينية في حالات كثيرة من حالات المصادرة. فكل منهما يحتمي بالآخر، في تحالف ديني سياسي ثيوقراطي.

  • صعود الفكر الوهابي منذ بداية السبعينيات، مدعوماً بما سمّاه الشيخ محمد الغزالي «الفقه البدوي» مندمجاً مع الفقه البترولي الحديث،
  • وصار هذا المثلث «الوهابي، البدوي، البترولي»، المصدر الأكبر للفكر السلفي التقليدي في العقود الأخيرة.
    هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى أن تغلّب مدرسة «التحريم» على مدرسة «التحرير»!