بيار أبي صعب
قلّة من فناني هذا الزمن يملكون الجرأة... وكارمن لبّس من هذه القلّة! هذه الممثلة اللبنانية، حين تنفجر غاضبة في مناسبة عامة، يسمع الجمهور أصوات الاحتجاج الهادرة، آتية من بين الناس: «الناس اللي تحت» بتعبير نعمان عاشور. وحين تعرّي ذاتها على التلفزيون، بصدق نادر وجرأة مدهشة، كما فعلت في ضيافة جوزيف عيساوي (الحلقة الماضية من «قريباً جدّاً»، على «الحرّة»)، سرعان ما تتحوّل حكايتها الشخصيّة إلى قضيّة عامة. كارمن من سلالة «الأم كوراج»، بطلة بريختيّة، ناطقة باسم طبقة (عفواً على هذه المقاربة التي لم تعد على الموضة)، وشريحة اجتماعيّة...
تكشف الفنانة جراح الطفلة التي حاول والد صديقتها الاعتداء عليها، ثم معاناة المرأة مع عالم الذكورة الأناني والأصمّ، فتصلنا من خلال الاعترافات الحميمة أصداء معارك اجتماعيّة وسياسية وثقافيّة، ما زالت تنتظر من يخوضها. الممثلة التي تألقت في المسرح والسينما، ولم تترك للتلفزيون أن يحتكرها، تقف، كما يبدو، عند منعطف حاسم، ازدادت فيه راديكاليّة في طرح القضايا وتصفية الحسابات مع المجتمع، وباتت تنظر بصفاء إلى حياتها كفنانة، وكامرأة.
حبذا فقط لو أنّها لم تقع في فخّ محاورها، حين تطرّقت إلى الحب والزواج. كارمن لبّس اليوم أقوى من أن تخضع لابتزاز المجتمع، وكنا في حاجة إلى سماع كلام نقدي منها عن المؤسسة الزوجية. لقد عاشت مع رجل استثنائي، هو زياد الرحباني، سنوات جميلة، أحبته وأحبها، وهذا هو المهمّ. هل كان «الزواج» ليغيّر شيئاً حقاً؟ هناك رجل آخر، كان سيبتسم برقّته الماكرة، ويهزّ برأسه يا كارمن، لو قيّض له أن يشاهدك السبت الماضي على التلفزيون!