لم يسلم أحد ممن تصدّوا لحرب الجزائر سينمائياً، بعيداً عن الرؤى الرسمية والشوفينيات التمجيدية، من النقد والتجريح والرقابة. محمد لخضر حامينا لا يزال العربي الوحيد الذي نال السعفة الذهبية في «مهرجان كان» (1975) عن رائعته «وقائع سنوات الجمر» التي كان موضوعها حرب التحرير، تعرّض لهجوم شرس عام 1986، لمجرد أنه قدّم في فيلمه «الصورة الأخيرة» شخصية إيجابية ليهودي يساري متعاطف مع الثورة الجزائرية. وطاولت سهام النقد ــــ والرقابة أيضاً ــــ أحمد راشدي، صاحب «الأفيون والعصا» الذي أُنجز في الحقبة الستينية، ويعدّ أشهر (وأنجح) فيلم عن حرب الجزائر، لأنه حاول عام 1994 أن يقدّم مقاربة مغايرة لتلك الحقبة، في فيلمه «كانت هي الحرب» (تم حظره في الجزائر). وكان راشدي قد طلب من أحد أبطال «معركة الجزائر» الرائد عز الدين، ومن السيناريست الفرنسي الشهير جان كلود كاريير، أن يشتركا في كتابة سيناريو مقتبس عن مذكرات الأول «كانوا يسمّوننا الفلاقة» ومن كتاب الثاني «سلم الشجعان».أما في فرنسا، فاستبعدت رائعة جيلو بانتيكورفو «معركة الجزائر» من العرض أربعين سنة، رغم النجاح العالمي الذي حقّقته، إذ نالت الأسد الذهبي في «مهرجان البندقية» (فينيسيا)، وجائزة النقاد في «مهرجان كان»، ورُشّحت لثلاث جوائز أوسكارات... أما الفضل في إعادة الاعتبار إليه، فيعود إلى... البنتاغون الأميركي! بعد اشتعال المقاومة ضد الاحتلال الأميركي في العراق، تم تنظيم عرض سري لـ«معركة الجزائر» في مقر البنتاغون، في 23 آب (أغسطس) 2003، بحضور نخبة من الكوادر العسكرية الأميركية. وقامت صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر الخبر الذي سُرّب إليها، فاحتدم الجدل: هل كان قصد البنتاغون من ذلك العرض استلهام العِبر لتفادي الوقوع في الأخطاء التي ارتكبها الفرنسيون في الجزائر؟ أم استيحاء أساليب المستعمر القديم نفسها في العراق، وفي طليعتها التعذيب؟
في خضم ذلك الجدل، أُعيد اكتشاف «معركة الجزائر» سينمائياً، فوجد طريقه للعرض مجدّداً في الصالات الأميركية في شباط (فبراير) 2004، ثم في الصالات الفرنسية ــــ لأول مرة ــــ في أيار (مايو) من السنة ذاتها.